إن تكرر كفارة النذر أو الوفاء به بتكرر الفعل، له حالتان:
الحالة الأولى: أن يكون لفظ نذره يدل على التكرار، نحو (كلما ومهما) أو كان قاصدا لمعنى ذلك: فإن نذره يتجدد بتكرر الفعل منه.
الحالة الثانية: أن يكون الناذر غير قاصد التكرار إذا تكرر منه الفعل، فإنه يبرأ من نذره بمرة واحدة ويكفيه من ذلك كفارة واحدة ولو تكرر الفعل. - والنذر: هو أن يلزم الشخص نفسه بشيء من العبادات لم يلزمه الشرع عليه، ويشترط أن يكون بالنطق للقادر، أو بالكتابة أو الإشارة للعاجز عن النطق، وليس للنذر صيغة معينة خاصة به، بل يصح بكل قول يشعر بالالتزام كقولك: لله عليّ أن أنحر بدنة، ولئن شفى الله مريضي لأتصدقن بثلث مالي، ونحو ذلك.
- فالمهم أن يتلفظ بالنذر ولا يكون مجرد نية بالقلب فقط، لأن الله تعالى تجاوز عن ذلك، ففي الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللهَ تَجَاوَزَ لأُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ يَتَكَلَّمُوا أَوْ يَعْمَلُوا بِهِ) متفق عليه.
- ويختلف حكم بين وجوب الوفاء وبين عدم الوجوب:
فالنذر الذي يجب الوفاء به هو نذر الطاعة: وهو أن يحدد أيام معينة لصيامها أو شهراً معيناً كأن ينذر صيام أول عشرة أيام من شهر كذا، أو ينذر صيام ثلاثة أيام من كل شهر هجري وغيرها، وهذا النذر يجب الوفاء به في حالة المقدرة على الصيام إذا جاء الوقت الذي حدده. لقوله تعالى: (وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ) {الحج 29} وحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه" رواه البخاري
- أما إذا قصّر في نذره ولم يستطع الوفاء به فعليه كفارة يمين.
- أما النذر الذي لا يجب الوفاء به وفيه كفارة يمين فهو نذر المعصية. فكل نذر فيه معصية لله فلا يجوز الوفاء به.
ومثاله: كأن ينذر زيتا أو شمعا أو نفقة لبعض القبور والمشاهد أو ينذر زيارة الأضرحة والمشاهد الشركية وهذا شبيه من بعض الوجوه بالنذر للأوثان، وكذا لو نذر أن يفعل معصية من المعاصي كالزنا أو شرب الخمر أو السرقة أو أكل مال يتيم أو إنكار حق أحد أو أن يقطع رحمه فلا يصلّ قريبه الفلاني أو لا يدخل بيته دون مانع شرعيّ فإن هذا كله مما لا يجوز الوفاء به بحال، بل عليه أن يكفّر عن نذره بكفارة يمين ودليل عدم جواز الوفاء بهذا النّوع من النّذور حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه" رواه البخاري وعن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا وفاء لنذر في معصية" رواه مسلم
- ومن النذور التي لا يجب الوفاء بها: أي نذر عارض نصاً شرعياً، فإذا نذر مسلم نذرا وتبين له أن نذره هذا يتعارض مع نص صحيح صريح فيه أمر أو فيه نهي لزمه التوقف عن الوفاء بالنذر ويكفر عنه بكفارة يمين ودليل ما رواه البخاري رحمه الله عن زياد بن جبير قال كنت مع ابن عمر فسأله رجل فقال نذرت أن أصوم كل يوم ثلاثاء أو أربعاء ما عشت فوافقت هذا اليوم يوم النحر فقال أمر الله بوفاء النذر ونهينا أن نصوم يوم النحر فأعاد عليه فقال مثله لا يزيد عليه. صحيح البخاري
- والأصل في المسلم أن يعبد الله وصوم بدون نذر، لأن النذر لا يكون إلا من بخيل أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- كما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن النذر في أحاديث عديدة منها:
1- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تَنْذروا، فإن النذر لا يغني من القدر شيئا، وإنما يستخرج به من البخيل" رواه مسلم
2- وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا عن النذر ويقول: "إنه لا يرد شيئا، وإنما يستخرج به من الشحيح" رواه البخاري ومسلم