جزاؤه أن يكون من الثلاثة النفر الأوائل الذين تسعر بهم النار يوم القيامة!
جاء في الحديث في سنن الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إنَّ اللَّهَ تبارَك وتعالى إذا كانَ يومُ القيامةِ ينزلُ إلى العبادِ ليقضيَ بينَهم وَكلُّ أمَّةٍ جاثيةٌ فأوَّلُ من يدعو بِه رجلٌ جمعَ القرآنَ ورجلٌ يقتَتِلُ في سبيلِ اللهِ ورجلٌ كثيرُ المالِ.
فيقولُ اللَّهُ للقارئِ ألم أعلِّمْكَ ما أنزلتُ علَى رسولي قالَ بلى يا ربِّ قالَ فماذا عملتَ فيما عُلِّمتَ قالَ كنتُ أقومُ بِه آناءَ اللَّيلِ وآناءَ النَّهارِ فيقولُ اللَّهُ لَه كذَبتَ وتقولُ الملائِكةُ كذَبتَ ويقولُ له اللَّهُ بل أردتَ أن يقالَ فلانٌ قارئٌ فقد قيلَ ذلكَ.
ويؤتى بصاحبِ المالِ فيقولُ اللَّهُ ألم أوسِّعْ عليكَ حتَّى لم أدعْكَ تحتاجُ إلى أحدٍ قالَ بلى يا ربِّ قالَ فماذا عمِلتَ فيما آتيتُك قالَ كنتُ أصلُ الرَّحمَ وأتصدَّقُ فيقولُ اللَّهُ لَه كذَبتَ وتقولُ الملائِكةُ لَه كذَبتَ ويقولُ اللَّهُ بل أردتَ أن يقالَ فلانٌ جَوادٌ وقد قيلَ ذلكَ.
ويُؤتى بالَّذي قُتلَ في سبيلِ اللهِ فيقولُ اللَّهُ لَه في ماذا قُتلتَ فيقولُ أُمِرتُ بالجِهادِ في سبيلِك فقاتلتُ حتَّى قُتلتُ فيقولُ اللَّهُ لَه كذبتَ وتقولُ لَه الملائِكةُ كذبتَ ويقولُ اللَّهُ بل أردتَ أن يقالَ فلانٌ جريءٌ فقد قيلَ ذلكَ.
قال أبو هريرة: ثمَّ ضربَ رسولُ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ علَى رُكبتي فقالَ يا أبا هريرةَ أولئِك الثَّلاثةُ أوَّلُ خلقِ اللهِ تُسعَّرُ بِهمُ النَّارُ يومَ القيامةِ).
ولما حدث أبو هريرة رضي الله عنه بهذا الحديث نشغ وبكى حتى أغشي عليه ثلاث مرات خوفاً وفرقاً من هذا المصير!
وكان يقول رحمه الله: وقد فعل بهؤلاء هذا، فكيف بمن بقي من الناس!
ولما سمع معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه هذا الحديث بكى بكاءً شديدًا حتى ظن من حوله أنه هلك، ثم أفاق معاوية ومسح عن وجهه فقال: "صدق الله ورسوله: (من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ ۖ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ".
فهذا الحديث يخبر عن مصير مخوف وفضيحة على رؤوس الخلائق لهذا المرائي يوم القيامة، فهو لما خادع الناس وظن أنه يخدع الله بفعله كان يخادع نفسه على الحقيقة، لأنه أوردها المهالك بفعله.
والجزاء من جنس العمل فهو لما أخفى عن الناس حقيقة نيته في الدنيا وأظهر قصد وجه الله كانت العاقبة أن يفضح الله نيته هذه على رؤوس الأشهاد!
فالله أغنى الشركاء عن الشرك فمن عمل عملاً أشرك معه غيره تركه وشركه، ويقول يوم القيامة لهؤلاء المرائين اذهبوا إلى من كنتم تراءون لأجلهم فانظروا هل يعطونكم أجوركم!
والله أعلم