ما هو تفسير قوله تعالى (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب) وما هي مناسبة نزول هذه الآية

1 إجابات
profile/بيان-محمد-الحبازي
بيان محمد الحبازي
المصارف الاسلامية
.
٢٢ أبريل ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
تفسير قوله تعالى: (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون) [البقرة: 44]

اختلف أهل العلم في مفهوم (البِّر) في الآية الكريمة، ثم أجمعوا على أن المقصود (بالبِّر) هو كل الأفعال التي تنجم عن طاعة الله تعالى.
روي عن ابن عباس -رضي الله عنه- أنه قال: (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ) أي تنهون الناس عن الكفر بما عندكم من النبوة والعهدة من التوراة، وتتركون أنفسكم: (96) أي وأنتم تكفرون بما فيها من عهدي إليكم في تصديق رسولي، وتنقضون ميثاقي، وتجحدون ما تعلمون من كتابي.

كما روي عنه -رضي الله عنه- أنه قال: (أتأمرون الناس بالبر) يقول: أتأمرون الناس بالدخول في دين محمد صلى الله عليه وسلم، وغير ذلك مما أمرتم به من إقام الصلاة، وتنسون أنفسكم.

وعلى هذا:
البِّر: هو الإحسان، وتقديم الخير، واتباع الحق، واجتناب المنكرات من الأخلاق والأفعال، وطلب طاعة الله تعالى ونيل مرضاته، بجميع الأفعال الحسنة، من صلاة وصيام ودعاء وبر الوالدين والإحسان إلى الخَلق.

وفي الآية الكريمة يخاطب الله تعالى أهل الكتاب من اليهود، فيعاتبهم بقوله تعالى أتأمرون الناس بفعل الخيرات واتباع الحق وتأمرونهم بطاعة الله تعالى والتقوى والبر، ثم تنسون أنفسكم من اتباع هذا الحق!

فذمهم الله تعالى على هذا الفعل، ووبخّهم مُنكرًا عليهم قبح صنيعهم، فالآمر بفعل الخيرات وإرشاد الناس على الحق هو أحق أن يرشد نفسه ويتبع أوامر الله تعالى ويجتنب نواهيه، والحال أنهم يقرؤون التوراة ويتداولونها فيما بينهم ويعلمون ما أنزل فيها من الحق والرشاد، وكذلك يعلمون ما أمرهم الله تعالى به، وما جزائهم إن قصّروا في اتباع شرع الله تعالى.

ومعنى (وتنسون أنفسكم) في هذه الآية أي أنهم تركوا طاعة الله عز وجل، فتركهم الله من ثوابه وأجره.

فنهاهم الله تعالى بقوله (أفلا تعقلون)، أي بمعنى أفلا تفقهون وتفهمون قبح ما تأتون من معصيتكم لربكم بأن تأمروا الناس بخلافها وتنهونهم عن ارتكابها وأنتم ترتكبونها!؟، وأنتم تعلمون أن الذي عليكم من حق الله وطاعته، واتباع محمد والإيمان به وبما جاء به.

أمّا سبب نزول هذه الآية:

قال ابن عباس -رضي الله عنه- في رواية الكلبي، عن أبي صالح بالإسناد الذي ذكر: نزلت في يهود [أهل] المدينة، كان الرجل منهم يقول لصهره ولذوي قرابته ولمن بينهم وبينه رضاع من المسلمين: اثبت على الدين الذي أنت عليه، وما يأمرك به هذا الرجل - يعنون محمدا - صلى الله عليه وسلم - فإن أمره حق. فكانوا يأمرون الناس بذلك ولا يفعلونه.

وعن ابن عباس أيضا: كان الأحبار يأمرون مقلديهم وأتباعهم باتباع التوراة، وكانوا يخالفونها في جحدهم صفة محمد صلى الله عليه وسلم.