يعد شعر العتاب والاعتذار من الأغراض الرقيقة للشعر، حيث يلوم فيه صاحبه الطرف الآخر الذي حدث بينهما خلاف أو شجار أو فساد العلاقة بينهما ويصاحب هذا اللوم اعتذار وتلميح للرغبة في إعادة العلاقة كما كانت أو إصلاحها.
وتعددت طرق العتاب والاعتذار في العصر العباسي وتعددت أساليبه ولغته، كما يعد هذا الغرض من الأغراض التي شملتها حركة التجديد، وإليك أبرز ملامح تطور أهم جانب فيه (وهو الجانب اللغوي):
- وضوح الأسلوب واللغة عن طريق استخدام المفردات البسيطة البيّنة التي لا تحمل عدة وجوه.
- الرقة في انتقاء الألفاظ بهدف تحريك مشاعر من الطرف المستقبل.
- شيوع أسلوب الاستعطاف والتعنيف فيه وخاصة في العتاب الغرامي؛ نتيجة تعلق الكتاب والشعراء بالجواري، وكان تقلب أحوال الجواري وصدهم تارة وإقبالهم تارة هو ما أنتج هذا الأسلوب. مثل قول فضل الشاعرة (وهي شاعرة ماجنة) في عتاب حبيبها:يا أيها الظالم ما لي ولك أهكذا تهجر من واصلكلا تصرف الرحمة عن أهلها قد يعطف المولى على من ملك
- إطلاق العواطف الصادقة وعدم إخفاءها عند العتاب الإخواني، وهو يمثل عتاب وإعتذار الصديق من أصدقائه المقربين. مثل ما قاله سعيد بن حميد:قلل عتابك فالبقاء قليل والدهر يعدل تارة ويميل
والمنتمون إلى الإخاء عصابة إن حصلوا أفناهم التحصيل
وأراك تكلف بالعتاب وودنا صاف عليه من الوفاء دليل ولعل أيام الحياة قصيرة فعلام يكثر عتبنا ويطول