الشخصنة، وتعني باللاتينية Ad hominem
هي مغالطة يتم فيها الهجوم على الشخص عوضا عن مناقشة طرحه مهما كان حقيقة أو رأي،
أو بلغة أخرى هي نقد الشخص لذاته بعيداً عن الموضوعية التي تجيز لنا نقد رأيه وأدائه.
تشكل الشخصنة موقفاً مزعجاً وصورة نمطية غير لائقة في نهج الثقافة،
وعكس الشخصنة هي الحياد أو الموضوعية، ومن سلبياتها؛
- أنها تلغي التركيز على الفكرة والمشروع الحقيقي وتبتعد إلى تبادل التهم وتحويل الأمر إلى مشادات شخصية وتراشق بالاتهام والتحقير والتشكيك، ولا ينتج عنها إلا البغض والحقد والحسد والضغينة.
- أنها تؤدي إلى إهدار الجهود المبذولة من أجل الفكرة أو العمل المنشود القيام به بكل ما أوتي الجميع من جهد.
- تجعل المجتمع غارقاً في الصراعات الشخصية وتؤخر من مشروع نهضتهم.
- أنها تقتل كل من روح الفكر الإبداع والعمل الجماعي والانفتاح على الآخرين.
- تعكر صفو العلاقات الاجتماعية وتزعزع النسيج الاجتماعي حيث أن كل شخص ينتمي لطيف محدد من المجتمع وسرعان ما يتحول الموضوع من شخصي إلى مجتمعي.
تقوم الشخصنة على تظليل الحقائق وتدليسها لأنها قائمة على انتصار الأشخاص لا حقائقهم وبالتالي فإنه لا أحد سيقبل على نفسه الهزيمة مهما حصل!
ومن أشهر الأمثلة العامة على الشخصنة هو لجوء شخص متعلم في علم ما على الهجوم المغالط بالشخصنة بسبب ضعف حجته أو عدم كفاية علمه في الرد على شخص آخر في مجال آخر بعيد عن مجال الشخص الأول.
وأشهر ما يقال في هذه الحالة، أنت ماذا تعرف، أو أنت شخص لا تفهم.! وهكذا.
ومن الأمثلة الشهيرة أيضاً،
مغالطة رجل القش Straw man fallacy
ويتم استخدام هذه الطريقة أيضاً عند عدم وجود حجة قوية لدى الشخص الذي يمارس الشخصنة فتتم مهاجمة الشخص الآخر من خلال تخويفه والتشكيك بطلبه أو بالحقيقة التي يرغب بالحصول عليها أو في أبسط الأمور في رأي صحيح مقتنع به ولكنه بسبب ردة الفعل الشخصية يصبح الطرف الثاني في حالة شك من نفسه ومعلوماته وتعد هذه الطريقة مستفزة ودنئية للغاية لما فيها من تضيع للحقائق وترهيب للشخص الذي تم ممارسة هذه المغالطة عليه.
ومن أشهر القصص على الشخصنة،
قصة دعوة النبي محمد عليه أفضل الصلاة والسلام مع قومه قريش،
حيث أن أغلب الكفار الذين هاجموه لم ينكروا صدقه وأمانته وشرفه فيهم لكنهم اختلفوا معه في جوهر الفكرة وهو الشرك بالله، وقد تم تخليد هذا الموقف الذي حصل في عصر ندعي أنه جاهلي لكنه بالحقيقة عصر منفتح وفيه من سعة الثقافة ما يسمح بظهور دين جديد ويسمح بإعادة هيكلة دين قديم هو دين إبراهيم عليه السلام،
تلك الحقبة لم تكن جاهلة إلا في موضوع الدين ولهذا جاء الإسلام، وكثير من كفار قريش لم يتعاملوا في بداية الأمر على أنه شخصي سوى قلة منهم أبو جهل وأبو لهب الذين هاجموا شخص الرسول عليه الصلاة والسلام.
لخص القرآن هذه الحالة من خلال آية عظيمة،
"قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ ۖ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَٰكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ"
يذكر الله أنّ قريش لا يكذبون محمد عليه الصلاة والسلام ودليل ذلك أنه الصادق الأمين قبل وبعد الدعوة ولم ينكروا ذلك ولكن مشكلتهم كانت بترك دينهم واتباع الفكرة والدعوة الإيمانية التي جاء بها محمد.
تم شيطنة هذا الفكر الراقي في تلك الحقبة من خلال رموز الكفر وتحول الأمر من قبل البعض لموضوع شخصي مع محمد عليه الصلاة والسلام وسرعان ما تحول إلى حجز بني هاشم جميعهم في شعبهم ومقاطعتهم عندما ضعفت حجة الكفار.!
259 مشاهدة
