ما معنى فاحشة مبينة في خطبة الوداع

هذه اللفظة جاءت في سياق حديث طويل رواه الأئمة عن صفة حج النبي عليه الصلاة والسلام وما وعظ الناس به في ذلك المجمع العظيم والمهيب :

روى الإمام أبو داود من حديث عمرو بن الأحوص: أنه شهد حجة الوداع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحمد الله وأثنى عليه وذكر ووعظ، فذكر في الحديث قصة فقال: ألا واستوصوا بالنساء خيراً فإنما هن عوان عندكم ليس تملكون منهن شيئاً غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضرباً غير مبرح فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً، ألا إن لكم على نسائكم حقا ولنسائكم عليكم حقا فأما حقكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون ولا يأذنّ في بيوتكم لمن تكرهون، ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن.

فقوله عليه الصلاة والسلام ( إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ) يعني إلا أن يفعلن فعلا فاحشا واضحا فحشه ، والفاحشة تطلق في الأصل على كل ما يفحش ويستقبح في النفس استقباحا شديدا بحيث يعد قبيحا ومنكرا عند جميع العقلاء ، ولا يطلق الفحش على الأمور الهينة البسيطة التي اعتاد العقلاء والحكماء التساهل فيها وغض الطرف عنها ، فما خف خطأه لا يسمى فاحشا لأن الفحش فيه معنى الاستعظام ، وكونه "بين" يعني أنه لا شبهة لصاحبه فيه ، إذن النبي عليه الصلاة والسلام جمع بين صفتين في هذه الحديث :
1. كون الخطأ فاحشا يعني كبيرا عظيما ليس صغيرا هينا .
2. كونه واضح الخطأ لا عذر فيه ولا شبهة .

وكثيرا ما أطلقت الفاحشة البينة في مثل هذه السياق في القران والسنة وأريد بها الزنا وتوابعها أو سوابقها ، ولكن الأرجح أن المقصود بها في هذا المقام ما هو أشمل من ذلك  فيصدق على كل إيذاء منها للزوج لا شبهة لها فيه ولا عذر كما اختار ابن جرير رحمه الله وذكره ابن كثير في تفسيره حيث قال : 

( واختار ابن جرير أنه يعم ذلك كله: الزنا، والعصيان، والنشوز، وبذاء اللسان، وغير ذلك. يعني أن هذا كله يبيح مضاجرتها حتى تبرئه من حقها، أو بعضه، ويفارقها، وهذا جيد) 

والله أعلم.