ما سبب شهرة الموناليزيا برأيك؟

2 إجابات
profile/ندى-ماهر-عبدربه
ندى ماهر عبدربه
Dental hygienist
.
١٧ مارس ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
 صورة لامرأة مبتسمة معلّقة في إحدى قاعات متحف اللوفر في فرنسا، تمتلك جماهيريّة عالميّة ويأتي لزيارتها جموع كبيرة من البشر، في حين تحافظ عليها البلاد خلف زجاج مضادّ للرصاص، ويدعوها العالم بأنّها أشهر لوحة على مرّ التاريخ، تلك اللوحة تدعى (لوحة الموناليزا)، الّتي تغنّى بها الشعراء وأصبحت أيقونة والشخصيّة الرئيسيّة في أشهر أفلام هوليوود ولغزاً حيّر العلماء عبر العصور، ترى ما هو السبب وراء التفات العالم لها بهذه الصورة ولماذا حظيت بكلّ هذه الشهرة؟


رسمت لوحة الموناليزا على يد الفنّان العظيم ليوناردو دافنشي في القرن الخامس عشر، حيث إنّها ومنذ ذلك الوقت اعتبرت من أشهر اللوحات وأجملها عبر العصور، ولعلّ السبب وراء شهرتها يعود إلى الغموض المختبئ خلف ابتسامتها الغريبة، والاحترافيّة والدقّة في تكوين التفاصيل وتجسيد الواقع بدءاً من الشخصيّة الرئيسيّة الّتي تكاد تنطق من شدّة واقعيّة خطوطها وألوانها، وانتهاء بتفاصيل الطبيعة في الخلفيّة المحيطة بالموناليزا، هذا الغموض خلق لغزاً حير العالم أجمع، ودفع العديد من الشخصيّات بمختلف فئات المجتمع إلى البحث وراء هذا اللغز أو تشكيل خرافات وحكايات نسجت العديد من التفاصيل الفنّيّة الّتي استنبطت من خلال الأسرار والألغاز المحيطة باللوحة ممّا جعل هذه اللوحة تنتشر في عالم بصورة كبيرة ويخلّد اسمها عبر الشهرة العظيمة الّتي اكتسبتها.


تعتبر لوحة الموناليزا عن أفكار الفنّان وقدراتها العبقريّة والإبداعيّة في تجسيد الواقع بصورة تفوق المنطق، حيث إنّه استطاع إدخال العديد من الأسرار بتفاصيل اللوحة والغاز تتجسّد في الابتسامة المراوغة الّتي تظهر على وجه المرأة والّتي تتّسم بنوعيّتها الغامضة من حيث زاوية الفم والعينين، حيث إنّ فاساري قال واصفاً إيّاها:

 "الابتسامة كانت ممتعة للغاية لدرجة أنّها بدت إلهيّة وليست بشريّة؛ وأولئك الّذين رأوها دهشوا ليجدوا أنّها كانت حيّة مثل الأصل"


ولعلّ النظرة الغريبة الّتي تشعر المشاهد بمراقبة تأتي من عيون المرأة نحوه هي أيضاً من أحد الألغاز المحيّرة، لذلك قام العلماء في دراسة تكوين اللوحة عبر العصور وإخراج العديد من الدراسات والفرضيّات والنظريّات الّتي تعرّضت للعديد من النقد والتمحيص، ويعود السبب هو تصوير ليوناردو دافنشي اللوحة بصورة ثلاثيّة الأبعاد، وإظهار التفاصيل بتكوين ينتمي إلى الفنون المرئيّة الّتي تتّسم بطريقتها في ترتيب وتنظيم العناصر المرئيّة في اللوحة بحيث تنسب إلى الموضوع.


ولعلّ الأدوات الّتي استخدمها ليوناردو دافنشي في رسم الموناليزا تتّسم ببساطتها فكانت عبارة عن ألوان زيتيّة ولوح خشبيّ أسود، لكنّ روح الفنّان وأفكاره الإبداعيّة جعلت منها أدوات سحريّة شكّلت العديد من الطبقات الّتي تحمل بداخلها عوالم من الأسرار، حيث إنّه استخدم مجموعة من الألوان الحارّة لتصوير الشخصيّة الرئيسيّة، والألوان الباردة الطبيعة الموجودة في الخلفيّة، فكانت الألوان الأساسيّة المستخدمة فيها هي الأخضر، والأصفر، والبنّيّ، والأزرق ومختلف الألوان الترابيّة الّتي استطاعت منح المتلقّي شعور التميّز والإبداع والحياديّة، حيث لا يستطيع الناظر تحديد المشاعر الموجودة بلوحة أن كانت سعادة أو حزن.

ولعلّ الشكل الثنائيّ الأبعاد الّذي يمثّل الشخصيّة ويتناسب بشكل دقيق مع الطبيعة في خلفيّة اللوحة هو ما جعلها تبدو واقعيّة وتدفع المشاهد إلى مراقبة تفاصيلها ووقوعه في غياهب الحيرة والتساؤلات، لكنّ ما هو السرّ وراء لغز لوحة الموناليزا؟

لطالما كان لغز لوحة الموناليزا سبباً لشهرتها الواسعة الّذي استطاع العالم حلّه في عصرنا الحديث واكتشاف ما وراء الابتسامة الغامضة الّتي أكسبت هذه اللوحة شهرتها.

بداية أكّدت الوثائق والشهادات الّتي استنبطت من كتب المؤرّخين وكلماتهم، بأنّ شخصيّة الموناليزا شخصيّة حقيقيّة عاشت في عصر ليوناردو دافنشي، حيث قيل إنّها زوجة أحد التجّار الّذي كان على علاقة صداقة قويّة مع دافنشي آنذاك، والّذي طلب منه أن يرسم زوجته لكنّه لم يستلم اللوحة بعد الانتهاء دافنشي من رسمها فبقيت في مرسم.


أيضاً تعدّدت الدراسات عبر العصور حول اللغز وراء الابتسامة الغريبة الّتي تزيّن وجه الموناليزا، حيناً يصفها البعض بأنّها تعود لعواطف الشخصيّة المعقّدة، وحيناً آخر يصفونها بأنّها صورة أنثويّة تعكس شخصيّة ليوناردو نفسه، ولعلّ تحليل البرامج الحاسوبيّة الحديثة حسم الجدل المخيّم حول اللوحة وتعرّف على مشاعرها المعقّدة بحيث أكّد علماء الأعصاب أنّ عواطفنا تتغيّر عند رؤية وجه محايد وبسبب ذلك، أنّها تعبّر عن كيفيّة تغيّر عواطف المشاهد وتصوّراته للعالم من حوله، حتّى عند عدم إدراكه تغيّر مشاعره بصورة حسّيّة، لأنّ ذلك وكما قالت الدكتورة إريكا سيغلّ إنّه يعتمد "على النظريّة الحديثة للدماغ كأداة تنبّؤية، بدلاً من تفاعليّة".


وعلى ذلك عند رؤية الإنسان لوجه جديد وإدراكه للمشاعر الّتي تتأرجح بين مشاعر الحزن والسعادة أو الحياد، يعتمد ذلك على المشاعر والأحاسيس الّتي يحملها الإنسان أكثر من المشاعر الظاهرة على وجه الصورة أو اللوحة، لذلك فسّر لغز ابتسامة الموناليزا علميّاً وسيكولوجيّاً بأنّ المشاعر المختفية في منطقة اللاوعي لدى الإنسان تتحكّم بتصوّره للوحة، وهنا تكمن عبقريّة دافنشي وقدرته على تفويض الخدع البصريّة وتحديداً أسلوب (sfumato) في لوحته وتمكينها من زرع الحيرة والغموض في نفوس المشاهدين.


عرف الفنّان ليوناردو دافنشي بعبقريّة الفذّة الّتي لم تكن فقط في مجال الفنون، بل كانت في مختلف المجالات العلميّة والأدبيّة مثل الهندسة المعماريّة، والموسيقى والعلوم الرياضيّة والفلك والجيولوجيا والتشريح وعلم الفراسة، أنّ شموليّة أفكاره وإبداعه جعلته يبتكر العديد من الاختراعات الّتي اتّخذها البشر أساساً يبنى عليه العديد من الأعمال في مختلف المجالات في وقتنا الحاليّ.


ولعلّ لوحة الموناليزا كانت أساساً إبداعيّاً لمختلف المدارس الفنّيّة، الّتي من خلالها استطاع الفنّانون كسر قواعد الواقع والانطلاق نحو الخيال الّذي يحمل بين طيّاته لغة أرواحهم عبر زرع مختلف الألغاز والأسرار في أعمالهم الفنّيّة من خلال خطوطهم وألوانهم، وجعلها تنطق برسائل عالمهم الداخليّ.


إنّ شهرة لوحة الموناليزا جعلتها أيقونة عالميّة يتغنّى فيها الشعراء عبر العصور حيث قال الشاعر إدوارد دودن معبّراً عن جمالها:

"أيّتها العرّافة، عرّفيني بنفسك

حتّى لا أيأس من معرفتك كلّ اليأس

وأظلّ انتظر الساعات وأبدت روحي

ما هي كلمة القدر الّتي تختبئ بين الشفتين

يا سرّاً متناهي الروعة

أيّها الكمال السماويّ!!

لا تحيّري الوجدان أكثر ممّا تفعلين

حتّى لا أكره طغيانك الرقيق

يداك المشبكتان في اتّزان جليل

والشعر المتساقط على الجانبين

لا، لا أن أؤذيك بكلمات غلاظ

أبقي صافية منتصرة ومستعصية!

ابتسمي كعادتك ولكن لا تتكلّمي!

الدعاية تختبئ دائماً في ظلّ جفونك

ثمّ تعالي وارتفاعي فوق معرفتنا

أيّتها الهوليّ من إيطاليا

أغوينا و حقري شأننا كما تشائين"

من خلال هذه الكلمات استطاع الشاعر إدوارد دودن أن يعبّر عن مشاعره المختلطة بين الحيرة والانبهار بمدى الإبداع الّذي أصاب فؤاده عند رؤيته للوحة، حيث أنّه شبهها بالمرأة القويّة الّتي تقف باتّزان أمام مشاهد مضطرب تغطّي ملامحه مشاعر الحيرة لينهي قصيدته برفع راية الاستسلام واعترافه بطغيانها الرقيق على روحه الحائرة.

من وجهة نظري أنّ لوحة الموناليزا استحقّت شهرتها والتفاف الحشود حولها، لأنّها ببساطة مثال على الإبداع والابتكار في عالم الفنّ وأكثر اللوحات الفنّيّة قدرة على تحريك مشاعر المشاهدين وملامسة أرواحهم بطغيان واقعيّتها. 





profile/بتول-المصري
بتول المصري
بكالوريوس في آداب اللغة الانجليزية (٢٠١٨-٢٠٢٠)
.
٢٩ يناير ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
     لا أدري عنك، أما عن نفسي فإني أجد أن الكثير والكثير من اللوحات العالمية أشد جمالًا وأكثر جاذبية من الموناليزيا، لكن لا أدري حقًا لما لاقت هذا الكم من الشهرة. حتى أولئك الذين درسوا الأمر، لم يجدوا سببًا حقيقيًا واحدًا. لكن أظن أن مجمل الأمر يظهر في الظروف المحيطة باللوحة، فربما سنة رسمها، أو مكان تواجدها الأول، أو كيف أصبحت الآن في متحف اللوفر. كل ذلك غالبًا كان السبب وراء الشهرة التي تمتلكها إلى اليوم.


     تقع الموناليزا اليوم خلف زجاج مضاد للرصاص في متحف اللوفر، وقد طالت إقامتها هناك إلى ما يزيد عن سنين كثيرة. يتوافد عليها آلاف الزوار كل يوم متطلعين إلى تلك التحفة، إلا أن الكثير منهم حين يصلون إليها تظهر اللوحة وكأنها شيء عادي لا يحمل ذاك الكم من التميز الذي اعتدنا الحديث عنه. هي امرأة ذات ملامح عادية، وملابس عادية، حتى أنها لا ترتدي مجوهرات. حتى أن هوية المرأة غير معروفة، ورغم المحاولات الكثيرة من الباحثين إلا أنهم لم يصلوا إلى الآن لشيء مؤكد بالدلائل. وربما هذا الغموض هو أحد أسباب شهرتها. تحدث الكثير عن نظرتها وابتسامتها، إلا أن أحد من الزوار لم يستطع أن يصدق أن الأمر فعلًا استحق كل ذلك العناء.


     لكن ما ذكرته سابقًا لا يعني أبدًا أن اللوحة ضعيفة أو ما شابه، بل على العكس. كانت اللوحة قد نالت الكثير من الثناء والتقدير منذ أيام كان ليوناردو دافنشي ما زال يعمل عليها. فهذه اللوحة مليئة بالتفاصيل الرائعة والدقيقة، ولعل أجمل ما فيها هي واقعيتها. حيث أسلوب دافنشي في تصوير الضوء والظل كان متقنًا، وتلك التفاصيل التي أظهرت الشعر وثنايا حجاب الرأس كانت تزيد الرسم واقعية وحياة. كانت وما زالت تصوير لحقيقة الإنسان وغموضه في آنٍ معًا. ومع كل ذلك، ما زال الأمر لا يستحق كل تلك الشهرة التي رآها الكثير مبالغًا بها إلى حدٍ ما.


     في القرن التاسع عشر، ظهر ليوناردو دافنشي كأسطورة، ولم يكن الأمر متمحورًا فقط حول رسوماته الفنية، بل تم اعتباره كذلك عالم ومخترع. أما عن السبب، فكانت بالطبع تصميماته التي صورت اختراعات مهمة معاصرة. وبالرغم من كشف حقيقة أن أغلب تلك الأمور كانت مجرد مزاعم ليست حقيقية، إلا أن أسطورة عبقريته استمرت للقرون اللاحقة، وكانت هذه سبب آخر في إضافة شهرة للوحة الموناليزا.


     لم يتوقف الأمر هنا، بل زادت شعبية هذه اللوحة بعدما تعرضت للسرقة بعد عام 1911، فقام الإعلام بما يلزم ليجذب المزيد من الأنظار إليها. وتلا ذلك أحداث الحرب العالمية الأولى، وعملية استنساخ اللوحة من قبل مارسيل دوشامب حيث أضاف لها شاربًا. الإضافة الهزلية هذه أضافت كما سابقتها المزيد من الشهرة لها. وغير ذلك من مواقف وأحداث كانت كلها تلعب دورًا لهدفٍ واضح.