لا شك أن العالم بأكمله وخاصة العالم الإسلامي تفاجأ من المشهد الدموي الذي حدث في الحادي عشر من سبتمبر، والذي صُنف على أنه عمل إرهابي لم تشهد الولايات المتحدة الأمريكية مثيلاً له من قبل.
سقوط برجي مركز التجارة العالمية في مدينة نيويورك كان على مرأى من الجميع، وذلك عندما ارتطمت الطائرات في البرجين التوأمين.
ولكن المشهد الذي حير الباحثين والمهندسين الكيفية التي أنهار فيها البرجين.
لندخل قليلاً في تفاصيل الانهيار،
عندما اصطدمت الطائرات في البرجين سقطت الأجزاء الأولية الناتجة عن هذا الاصطدام؛ فحدث الانهيار التدريجي وهو الأمر الطبيعي والمتوقع في مثل هكذا اختراق، ولكن من غير المنطق أن ينهار البرجين بشكل تام من دون أدنى مقاومة للاصطدام مما أدى إلى حدوث الانهيار بشكل متسارع ومفاجئ، وتدمرت الأجزاء التي لم تواجه الاصطدام بشكل مباشر.
لدرجة أن أحد الباحثين في هذا المشهد قال أن انهيار البرجين أشبه برمي قطعة نقد معدنية من على سطح أحد هذين البرجين إلى الأرض، حيث تطلّب سقوط البرجين ما يقارب تسع ثوان فقط منذ لحظة الاصطدام.
وبناء على ذلك انقسمت الآراء إلى قسمين:
القسم الأول والذي يؤمن بنظرية المؤامرة وأن هنالك متفجرات على شكل غازات وشظايا متطايرة انفجرت على نحو فجائي، حيث وُضعت في الأجزاء التي لم تتلق الصدمة مباشرة لحدوث الانفجارات الداخلية المتسارعة من أجل انهيار البرج بصورة فجائية وبالكامل.
أما
القسم الآخر بخلاف الرأي الأول يؤمن بأنه لا داعي لوضع المزيد من المتفجرات داخل مباني البرج لحدوث الانهيار، ويكفي وقوع الانفجارات المتلاحقة في جسم البرج لكي تنهار الأجزاء السليمة وبالتالي البرج كليا.
تفسير انهيار البرجين هندسياًبعيداً عن نظريات المؤامرة واختلاف الآراء حول كيفية انهيار البرجين، أؤمن جداً أن البنية المعمارية التي صُمم فيها البرجين لها الدور الأكبر في آلية سقوطهما.
والآن عزيزي السائل، حدث ما حدث ووقع الانهيار ولكن كان لا بد من دراسة هذا الانهيار بطريقة علمية هندسية بحتة، من خلال فحص تدمير المبنى خطوة بخطوة لكي لا يتكرر مثل هذا السقوط في المستقبل إضافة إلى دراسة تصميم المباني وإصلاح الخلل في حال وجوده.
تم بناء محيط البرج من صف من الأعمدة المتقاربة المحيطية والتي تحمل السقف الإسمنتي لكل طابق في هذا البرج، حيث يتم ربطها بالجذع المركزي الذي يحتوي على عدد من المصاعد وتُربط المسافة بينهما بعوارض فولاذية خفيفة في كل طابق، وبمجرد ارتطام الطائرة الأولى في البرج تم تدمير عدد كبير من الأعمدة المحيطية وفي عدة طوابق من البرج وهذا بالتأكيد أضعف الهيكل بصورة عامة.
ولكن لم يتم تدمير المبنى تماماً فهذا الارتطام وحده لا يعتبر سبب علمي كافي لانهيار البرج بالكامل.
وما هو مؤكد أن الحريق الذي نشأ نتيجة الاصطدام له دور كبير في إكمال عملية السقوط؛ ولأن الحرارة العالية تغير من خصائص المواد كالقوة والصلابة ومن أهم هذه المواد الفولاذ الموجود في جسم هذه المباني.
وبمجرد انتشار النار في الطوابق إضافة إلى وقود الطائرات الذي أجج النار ومن الحرارة المنبعثة في المكاتب والمباني أصبح الفولاذ أقل قساوة، حيث يصبح انثناؤه أسهل كلما زادت الحرارة لدرجة أنه لم تستطع وسائل الأمان وأنظمة الإطفاء على احتواء النيران ومنع انتشارها.
وسبب آخر لا يقل أهمية عن ما تحدثت به سابقاً أنه بانهيار طابق معين فإن الطوابق العليا منه تنهار معه، وهذا يُكسب الكتلة الهاوية زخماً هائلاً يجعلها تضرب البناء والطوابق الواقعة تحتها بقوة صدمية متتالية مع كل انهيار للطوابق.
وهذا بالفعل يؤدي إلى كارثة انهيار بشكل تام كما حدث في هذين البرجين.
لذا ربما لو تم تصميم البرجين على نحو مختلف أو وُضعت مواد قوية مقاومة للحريق في العمودين الموجودين في وسط البرجين، لاستطاع على الأقل أن ينجو الكثير من الضحايا من الطوابق العليا والسفلى أو مُنع انهيار البرج كليا.
المصادر :
Why Did the World Trade Center Collapse? Science, Engineering, and Speculation