"الحب هو ذكاء المسافة... ألا تقترب كثيراً فتلغي اللهفة، وألا تبتعد طويلاً فتنسى"... ماذا تذكرت عندما قرأت هذه المقولة؟ ألم تتذكر موقفاً معيناً حدث معك في حياتك؟! هكذا هي أحلام مستغانمي تقول ما يلمسنا من الداخل... أتذكر أنني أعددت قبل حوالي 4 سنوات حلقة من أجمل حلقات برنامج "عالصبحية" الذي كانت تقدمه المقدمة نسرين أبو دية كان موضوعها عن هذه المقولة، ففوجئنا وقتها بالشعبية الكبيرة التي تحظى بها هذه الكاتبة،
فالنجاح والوصول إلى قلوب الناس يحتاج لعدة عوامل مجتمعة وجدت جميعها في الكاتبة أحلام مستغانمي، فهناك من الكتاب من يبدع في كتاباته ولكنه يقصر في موضوع النشاط على مواقع التواصل الاجتماعي، وهناك من يقلد كتاب آخرين، وهناك من يكتب بسطحية فلا يلمس مشاعر المتلقي، وهناك من يبخل بتجاربه الشخصية التي تغني النص كثيراً...
أنا من عشاق أحلام مستغانمي وأجد أنها تستحق هذا النجاح الذي وصلت إليه بمجهودها واختلافها للأسباب التالية:
- نشاطها على مواقع التواصل الاجتماعي... فالكاتبة مستغانمي نشطة جداً على مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة "تويتر"، وكلنا نعرف أن رواد "تويتر" بالذات متعطشين للنصوص الأدبية والشعرية الجميلة؛ فهي تحافظ على وجودها في العالم الافتراضي كما تحافظ على وجودها في العالم الواقعي، وتعرف من أين تؤكل الكتف. ولعل ما زاد من نشاطها زواجها من رجل يعمل في مجال الصحافة.
- تتوجه للجمهور على اختلاف ذوقه... فقد تم تحويل روايتها "ذاكرة الجسد" لعمل تلفزيوني عرضته الكثير من الفضائيات، وهذا ساهم بشكل كبير في شهرتها بين الجمهور الذي يفضل مشاهدة الأعمال التلفزيونية على القراءة.
- جرأة قلمها: فهي لم تخجل يوماً من كتابة كل ما يدور داخلها من أفكار ومشاعر حتى لو نافت القيم المجتمعية السائدة، وهذا ما كنا نفتقده في الزمن الذي بدأت بها الكاتبة مستغانمي باللمعان، وخاصة من النساء اللاتي اعتدن على الاحتفاظ بما داخلهن داخلهن وعدم إخراجه للعلن.
- دعم والدها لها: فقد كان والدها مصراً على أن تتعلم ابنته باللغة العربية وأن تنتصر لهذه اللغة، وكان يشجعها على الكتابة، وقال له يوماً عندما حوربت بسبب جرأتها ودعمها الكبير لقضايا المرأة "هذه ابنتي تكتب كما تريد... فهي حرة". ولا شك أن دعم الأهل أمر مهم جداً ويستخرج إبداع الأبناء.
- اختيارها لعناوين أعمالها بعناية... فهي تختار عناوين ملفتة مثل "الكتابة في لحظة عريّ" و"عابر سرير".
- شهادة الشاعر نزار قباني لكتاباتها... فلا شك أن الناس يعشقون الشاعر الكبير نزار قباني، ولذلك فقد أحبها الكثيرون وبدؤوا يقرؤون ما تكتب بعد شهادته لها.
- حديثها عما يهم فئة كبيرة من الناس: ففي روايتها "ذاكرة الجسد" مثلاً تحدثت عن مقاومة الشعب الجزائري للاحتلال الفرنسي، فأصبح الناس يرون أن مؤلفاتها تحكي واقعاً يعيشونه بأسلوب جميل وجذاب.
- خوضها في النفس البشرية: فعندما تقرأ كتاباتها تشعر وكأنها تعيش معك في داخلك وتفسر لك الكثير من الأمور التي تجري حولك مثل قولها "ثمة رجال لا تكسبينهم إلا بالخسارة، عندما ستنسينه حقاً سيتذكرك، إننا لا ننسى خسارتنا". وربما ساعدها في ذلك دراستها لعلم الاجتماع الذي يفسر ويدرس السلوك والتفاعل الإنساني مع بيئته ومع من حوله.