ما تفسير قوله تعالى (يقول أهلكت مالًا لبدًا)

1 إجابات
profile/د-محمد-ابراهيم-ابو-مسامح
د. محمد ابراهيم ابو مسامح
ماجستير في التربية والدراسات الاسلامية
.
١١ مايو ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
 قال الله تعالى: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ *أَيَحْسَبُ أَن لَّن يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ * يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُّبَدًا * أَيَحْسَبُ أَن لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ) سورة البلد (4-7).

- يقول أهل التفسير أن هذه الآية نزلت في رجل بعينه من بني جمح، كان يدعى أبا الأشد، وكان شديدا، فقال جل ثناؤه: أيحسب هذا القوي بجلده وقوته، أن لن يقهره أحد ويغلبه، فالله غالبه وقاهره.

- فقوله تعالى: (يقول أهلكت مالاً لبدا) أي يقول ذلك العنيد القوي الشديد: أهلكت مالا كثيرا في عداوة محمد صلى الله عليه وسلم، فأنفقت ذلك فيه، وهو كاذب في قوله ذلك، وهو فعل من التلبد، وهو الكثير، بعضه على بعض، يقال منه: لبد بالأرض يلبد: إذا لصق بها.

- والآيات الكريمة السابقة تتحدث عن طبيعة الإنسان (العاصي والفاسق والكافر) فهو في حال صحته وعنفوان شبابه يظن أنه لا يقدر عليه أحد، وهذا لا شك بالنسبة للكافر، حتى الرب عز وجل يظن أنه لا يقدر عليه!!

- أما المؤمن فإنه يعلم أن الله قادر عليه، وأنه على كل شيء قدير فيخاف الله. (يقول أهلكت مالاً لبداً): يقول الإنسان أيضاً في حال غناه وبسط الرزق له (لكت مالاً لبداً) أي: مالاً كثيراً في شهواته وفي ملذاته. يقول الله عز وجل: (أيحسب أن لم يره أحد) أيظن هذا أنه لا يراه أحد في تبذيره المال، وصرفه في ما لا ينفع، وكل هذا تهديد للإنسان أن يتغطرس، وأن يستكبر من أجل قوته البدنية، أو كثرة ماله. 

- وقد روى الحافظ ابن عساكر عن مكحول قال؛ قال النبي صلى اللّه عليه وسلم: (يقول اللّه تعالى: يا ابن آدم قد أنعمت عليك نعماً عظاماً، لا تحصي عددها ولا تطيق شكرها، وإن مما أنعمت عليك أن جعلت لك عينين تنظر بهما، وجعلت لهما غطاء، فانظر بعينيك إلى ما أحللت لك، وإن رأيت ما حرمت عليك، فأطبق عليهما غطاءهما، وجعلت لك لساناً وجعلت له غلافاً، فانطق بما أمرتك، وأحللت لك فإن عرض عليك ما حرمت عليك فأغلق عليك لسانك، وجعلت لك فرجاً وجعلت لك ستراً، فأصب بفرجك ما أحللت لك، فإن عرض عليك ما حرمت عليك فأرخ عليك سترك، يا ابن آدم إنك لا تحمل سخطي ولا تطيق انتقامي) "أخرجه الحافظ ابن عساكر في ترجمة أبي الربيع الدمشقي".