ما الموقف الذي لن تنساه في حياتك؟

4 إجابات
rate image أضف إجابة
حقل النص مطلوب.
يرجى الانتظار
إلغاء
على المستوى شخصي هناك عدة مواقف، مثلا كنت في ماليزيا قبل عدة سنوات وركبت بالتاكسي فتحدثت مع السائق وعرف انني عربي مسلم، فحدثني عن شدة رغبته في قراءة كتب الفقه والشيعة الإسلامية ولكنه لا يجيد العربية واتذكر ذهوله وقسمات وجهه من كوني استطيع قراءة هذه الكتب بسهولة وبيسر وجعلني أدرك انني في نعمة عظيمة. 
موقف آخر اني في عشاء عمل في مطعم فخم  و علاقتي سطحية مع مدير المطعم، فكان ان حصل خلاف بيني وبينه علي الفاتورة وعلا صوتي معه ثم تم حل الموضوع، المهم انني أحسست  بالذنب تجاهه وذهبت لاعتذر منه في مساء اليوم التالي على ما بدر مني، لأفاجأ ان هذا المدير قد توفي في ذلك اليوم صباحا، فغادرت وانا يتآكلني الندم. 
واذكر اني ذهبت في عمرة، وكنت اصعد بتعب الدرجات المؤدية إلى غار حراء، فوقفت استريح في منتصف الطريق، وإذا بحاجة هندية تبلغ على الاقل الثمانين عاماً تهرول صاعدة على الدرجات، فأشرت الى من يرافقها ان تهون على نفسها لان الطريق صعبة وطويلة ومتعبة، فأشار إلى انها في شوق الى مكان كان فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستحييت من نفسي وانا شاب قوي. 

481 مشاهدة
share تأييد
profile image
أريج عالية educational consultant في freelance (٢٠١٨-حالياً) . 1620769813
أعتقد أنك قد فتحت الصندوق الأسود للمواقف المختلفة في حياتي. لربما عليّ أن أبدأ ببعض المواقف الجميلة الرائعة، لكني فعليًّا أود سرد بعض المواقف الصعبة التي يمكن أن نتعلم منها جميعًا. هذه المواقف تمس الكثير منّا، لربما قد واجهناها، أو سنواجهها يومًا ما. ولربما تترك عميق الأثر، وندوبًا تُفضي إلى حالات من اليأس، أو القلق، أو حتى جلد الذات بطرق تُؤدي للشعور بفقد الثقة بالنفس.

 أعظم تلك المواقف هو موقف الفقد:موقف فقد الوالدين بفارق عشرين عامًا. وبالرغم من فقد الابن سابقًا وهو في السنوات الأولى من العمر، إلا أن فقد الأب كان له وقع كبير على النفس لا يقترب منه أي وقع. الموت، هو الحقيقة التي لا شك بها بتاتًا. هو الغلبة التي لا يمكن الانتصار عليها بأي شكل من الأشكال. فمهما بلغت في الأرض مكانةً، أو هيبةً، أو صحةً، أو عافيةً، أو ثراءً وغنىً، فلن تتمكن من قهره، فهو قاهر العباد والبلاد. هذا الموت الذي اختطف والد من أولاده وبناته وترك طفلةً صغيرة ذات سنوات ثلاث دون حضن أب أو كلمة بابا، لتنظر لرفيقاتها بعين أخرى، عين لم تعرف يومًا ما هو الأب. 

ثم يعود الكرة مرة أخرى، فيختطف الأم، السند والقوة، الحضن الدافئ والقلب الحنون. يختطفها عنوة، دون سابق إنذار، يختطفها من بين أولادها الغافلين بما في الحياة من أمواج صعود وهبوط، يختطفها من قلوب أحبابها، من قططها التي بكت على وفاتها، وأخذت تبحث عنها مدة طويلة دون جدوى. أخذها من أحفادها الذين لم يكن بيدهم شيء سوى البكاء والعويل. فقدت تلك الطفلة الصغيرة؛ التي كبرت وبلغت الثالثة والعشرين من عمرها أمها، ملجأها الوحيد، وحضنها الدافئ. فقدت مرة أخرى معينتها وحبيبتها للأبد، وأعانها الله على ذلك الفقد الذي لا يعالجه دواء، ولا يصيبه شفاء. 

وها أنا أقف مكاني، سيدة قد قاربت الخمسين، تبكي أمها كطفلة صغيرة تائهة ضائعة، لا تملك حيلةً وقد تقطعت بها السبل، رغم وجود الزوج والأبناء، لكن فقدان الأم لا يعادله أي سند، فمساحات الفراغ قد بلغت مبلغها، لتترك في القلب ذكريات ضحكتها، وصوتها، وكلمة "الله يرضى عليكِ يا عمري"، وجمال روحها، وقلبها النابض بالطيبة واللطف. تركت في الفؤاد جرحًا لا يندمل، وغصّةً لا تنقطع. وبالرغم من قمة المرارة التي أصابتني، إلا أنني تأملت في تلك الحياة لهذه المرأة العظيمة "أمي"، التي جعلتني على ما أنا عليه، وفكرت: كم من فتى دون أم؟ كم من فتاة ترجو عطف وحب الأم؟ كم من أبناء يستعصي عليهم بر والديهم؟ كم من أبناء يركبون موجات الجحود والعقوق؟

ألم يحن الوقت لننظر إلى حياتنا التي تقتحمها مساحات العمل والأولاد والانشغال، حياتنا التي تنخرها المشاكل والطمع والقوة والعنف والتنمر؟ ألم يحن الوقت لنراجع حساباتنا وننظر ساعةً للوراء، لسنوات خلت كنا بها صغارًا نجلس على أكتاف آباءنا، ونحتمي في أحضان أمهاتنا، ونحلق حولهم، ساعةً بالضحكات العارمة، وساعةً بالبكاء والحزن. كانت أصعب تلك اللحظات، ساعة تغسيل الحبيبة، تلك التي حضنتنا ولم نستطع جميعنا أن نحتضنها. هذه الساعة الصعبة التي حبسنا بها دموعنا، وكتمنا بها آلامنا لتخرج أمي لرحلتها الثانية في أبهى صورة، وأصعبها هي مرحلة التكفين حيث لن نتمكن بعدها من كشف وجهها وتقبيلها واحتضانها كما سبق.

لذا أتمنى منكم جميعًا أن تقبلوا والديكم، أن تحتضنوهم، أن تكونوا رفقاءهم في الدنيا، أن تكونوا معينيهم على تعب الحياة. كونوا أنتم عكازتهم التي يتكئون عليها ساعة حاجتهم، كونوا أنتم رفقاءهم ساعة حزنهم، كونوا أوعيتهم ساعة ترحهم، وندمائهم ساعة فرحهم. وتذكروا أن الفقد لا رجعة فيه، وأن الموت يختطف الجميع، بلا مقدمات أو إنذارات، فكم من صغير قد فارق الحياة ساعة نومه، وكم من مريض متوقع احتضاره بقي وعاش. لا تغلقوا أبواب الرحمة في الدنيا حتى لا تغلق بأوجهكم يوم القيامة، بروهم في الدنيا، وأدعوا لهم مخلصين، فالحياة أقصر مما نعتقد. 

موقف آخر مررت به، وما زلت أشعر بالمرارة كلما تذكرته كان في المدرسة. كنت معلمة صارمة قوية الشكيمة، ولا أسمح بتاتًا بتجاوز القواعد التي اتفقت عليها مسبقًا مع طلبتي. فالنظام نظام، وطالما التزمت ولم تخل به، فأنت الأفضل والأكمل. أما إذا قمت بالتجاوز، فلا مجال للتسامح، ويكون العقاب على قدر ما تم تجاوزه. طبعًا هنا لم يكن العقاب بدنيًّا، بل يتراوح ما بين خصم علامة الواجب، أو تبليغ مدير القسم بالإهمال، والقليل جدًا يكون باستدعاء ولي الأمر لمناقشة ما فعله الطالب من تجاوزات. ولربما كان الأسوء بنظر الطالب المتجاوز عدم التحدث معه ومقاطعته جزئيًا وكان هذا العقاب هو الأسوء والأمّر. 

وهنا ظهر هذا الموقف الذي غيّر الكثير من طريقتي في التعامل مع الطلبة، لتصبح أكثر حساسية ودقة. قمت بتكلفة الطلبة بواجب معين يوم الخميس، ليقوموا بحله وتسليمه يوم الأحد. وبالطبع يوم الأحد قمت بالتجوال بين الطلبة، وتفقد دفاتر الطلبة للتأكد من حل الواجب. كنت أستخدم قلمين أحدهما أسود للإجابة غير الكاملة، والآخر أحمر لمن لم يقم بحل الواجب. توقفت عند هذا الطالب؛ في الحقيقة كنت لا أطيقه، فهو طالب جديد على المدرسة، كثير الهزل، وكما نقول ثقيل الدم سمِج. حاولت الكثير تجاوز هذه المشاعر السيئة تجاهه، لكن لم أستطع. وها قد جاءت الفرصة لألقن درس، لكن للأسف هو من قام بتلقيني الدرس.

نظرت للدفتر ولم أجد الوجب، فنهرته بشدة، وقلت له: هيا، أعطني رقم والدك أود الاتصال به لتبليغه بإهمالك، فلم تكن المرة الأولى، ولم تكن سابقة تحدث صدفة، بل كانت له بعض الزلات الأخرى تتراوح ما بين الضحك في الحصة، والسرحان والالتهاء، وعدم حل الواجب كما هو مطلوب. سكت الطالب للحظة وقال: ليس لدي الرقم. قلت له: قم بتلقيني الرقم وإلا سأقوم بإحضاره بنفسي. ساعتها نظر للأرض وقال لي: مس أنا لا أهل بلي. نظرت له بتعجب واستفسرت عما يقصد. وإذ الصدمة التي عقدت لساني بقوله أن أهله تعرضوا لحادث ومات الأب والأم والأخ، وهو من تبقى من هذه الحالة. نظر جميع الطلبة له بذهول، وصمت وكأنه دهر. ثم طلبت منه الجلوس، وأكملت التجوال دون أي كلمة.  

كان ذلك الموقف إحدى السقطات التي لم أغفرها لنفسي، وقد كان للإدارة الدور الكبير فيها، فلم يتم تنبيهنا كمدرسين بوضع الطالب، ولم يقم أهل الطالب؛ عمه وجدته بالتحدث في هذا الموضوع. كما أن ملف الطالب موجود، لكن لم يتم الاطلاع عليه من المرشد التربوي، وهذه المهمة من مسؤولياته الرئيسة. وللعلم، تعتبر المدرسة من المدارس الكبرى ذات السمعة المشهورة، ومراحل القبول بها عسيرة وليست بالسهلة. بعد الحصة توجهت لمدير القسم وأخبرته بما جرى، فذهل وسكت. وبعدها تم مراجعة ملفات جميع الطلبة القدامى والجدد من قِبل مربيي الصفوف، وكتابة ملخص عن الطلبة من ذوي الأمراض أو الحالات الاجتماعية المختلفة.  

هذا الموقف قد ساعدني في تفهم أهمية الاطلاع على ملف الطالب، وتمحيصه، وضرورة إرسال ورقة بيانات الطالب في الأسبوع الأول من المدرسة، ليكون المعلم على بينة من احتياجات الطلبة، ومراعاة حالتهم الاجتماعية بما يعود بالفائدة عليهم، دون دلال أو قسوة زائدة. ولتكون لغة الخطاب دقيقة ومتعاطفة بحيث يتم تجنب التصادمات والتأثير على نفسية وسلوكيات الطلبة عامة. لذا، على الجميع، معلمين وعاملين الحذر من لغة التواصل بينهم وبين الجمهور أو العملاء أو الطلبة، فنفس هذا الموقف قد نواجهه في الحياة. فلنكن أكثر تعاطفًا ومهنيةً واهتمامًا بمشاعر الآخرين. 
439 مشاهدة
share تأييد
موت جدتي
464 مشاهدة
share تأييد
نسيانه
456 مشاهدة
share تأييد