لن يتفق اثنان على إجابة هذا السؤال؛ فالخيارات لا نهائية، فربما تشعر بالملل من بعض الشخصيات أو من بعض النشاطات أو من بعض المحادثات التي يطرحها الأفراد. وأعتقد أن هذا أمر مثير للاهتمام؛ فهذا يعني أن بعض الأشخاص سيستمتعون برفقتنا والبعض الأخر سيفضلون تجنبنا. ومن بعض الأمور التي أجدها شخصيًا تجعل الأشخاص مملين:
* عدم القدرة على قراءة المزاج والحالة العامة: فبها يتكلم الأفراد دون الاهتمام لرد فعل المستمعين ومزاجهم؛ فمن الممكن أن يطرحوا قصة طويلة ومملة دون الانتباه للشخص الذي يتحرك في مقعده من الملل والأخر الذي يتفحص ساعته بكثرة، والأشخاص الذي غلبهم النعاس. أو البعض الآخر الذي يتمحور كلامهم كله عن أنفسهم وإنجازاتهم دون السماح للآخرين بالمشاركة أو حتى التعليق.
ليس من الضرورة أن يكونوا هؤلاء الأشخاص سيئين؛ لكنهم وبكل تأكيد يفتقرون الذكاء الاجتماعي الذي يسمح لهم بالانتباه لمحيطهم، واختصار القصة عند شعورهم بملل المستمعين، وقيادة حوار فعال تستمع فيه تارة وتتحدث بالأخرى.
* الأشخاص الذين يفتقرون للهوايات والاهتمامات: فما يجعل شخصًا ما بالنسبة لي مثيرًا للاهتمام هو الأمور المتعلقة باهتماماته وهواياته التي بإمكاننا مناقشتها سويًا. فعدم امتلاك شخص ما اهتمامات وهوايات يشعرني أن حياته فارغة من ناحية المتعة والتجربة، وأنه لا يخصص وقتًا من يومه ليمارس الأمور التي يحبها، فهو فقط يعيش أيامه بالطريقة التي يجب أن تمضي عليها من عمل وأكل ونوم.
هذا يعني أن تحدثي وتعاملي معه سيدور حول الأحاديث القصيرة والضحلة حول العمل والحياة، وبكل صراحة لا أمانع هذا النوع من الأحاديث لكنني لا أفضلها. فأحب أن أكون جزءًا من الأحاديث العميقة عن الأشخاص وما يحبون والسبب وراء حبهم لهذا الأمور؛ فأنا مهتمة بالأشخاص من حولي وبقصتهم ومشاعرهم وبآراءهم، وأريد التعلم منهم ومن تجربتهم.
* الأشخاص ذوي النظرة السوداوية: فأنا لا أراهم كأشخاص مملين فقط، بل وأعمل على تجنبهم. فالسلبية والشعور بالإحباط واليأس هو جزء مهم من طبيعة البشر ولا مشكلة بالجلوس مع بعض الأصدقاء والتحدث عن الأمور التي تزعجك وتتعب تفكيرك. لكن الأشخاص الذين أقصدهم أولئك الذين جعلوا من السخط أسلوب حياة يعيشون فيه، ويجدون خطأ في كل حل تقترحه عليهم، ويتوقعون منك الاستماع دومًا لتنفيسهم دون مد يد المساعدة لهم، مهما تكرر طرحهم لنفس القصة.
فهم يعيشون في مكان مظلم ولا يريدون الخروج منه، ويجب على الجميع معرفة كم هي حياتهم مأساوية؛ فيبحثون عن الاهتمام بلعبهم دور الضحية بدلًا من البحث عن الحلول البسيطة التي ستنهي الحالة التي يعيشون فيها. فمن الممل أن تستمع مرارًا وتكرارًا لنفس القصص الحزينة لشخص ما وكيف أن العالم لم يكن بجانبهم، تلك القصص التي يرفض أصحابها حلها والتخلي عنها.
في نهاية المطاف أعتقد أننا جميعنا نعتبر من الشخصيات مملة لأحدهم، ولا نستطيع الحكم على شخص ما لامتلاكه أمور معينة تجعله مملًا في منظورنا. فَكل ما نستطيع القيام به هو تجنبه قدر الإمكان لكي لا نشعر بالملل وبنفس الوقت لا نؤذيه.