لو نظرنا للمعضلة هذه من الزاوية التالية: يرجع المسافر الزمني للوراء. هناك يلتقي جده قبل أن يتزوج ليقتله. وبالتالي لن يولد هذا المسافر لاحقًا في الزمن المستقبلي. المفارقة هنا: إذا لم يولد هذا المسافر بالأصل، فكيف استطاع السفر للماضي وقتل جده؟
تدعى هذه المعضلة "معضلة الجد Grandfather Paradox "، والتي بدأت عام 1931، وكان اسمها حينها “الجدال القديم عن منع مولدك بواسطة قتل جدك”، ثم استخدم هذا الجدل في أدب الخيال العلمي عام 1933، في رواية ناثينال شاكنر. هي من أشهر المفارقات الفكرية المتعلقة بالسفر الزمني. والتي شكّلت قناعات لدى الكثير باستحالة السفر عبر الزمن وخصوصًا بالعودة للماضي؛ بسبب التناقضات الكثيرة وخاصة تأثير الماضي بما سيصبح عليه الحاضر والمستقبل بحيث يصبحان مستحيلا الحدوث، فيستحيل إمكانية الرجوع، ويستمر التحرك في دوائر مفرغة لا نهاية لها.
يمكن حل التناقضات بشكل نظري لمعضلة الجدل بواسطة النظريات الفيزيائية وخاصة نظرية النسبية العامة لأينشتاين،. فمن خلال دراسة حديثة اقترح العلماء نظرية المنحنيات شبه الزمنية المغلقة Closed Timelike Curves أو CTC، حيث تم تجربة كيفية عملها. فالمنحنى شبه الزمني CTC يعد مسار نادر يتحرك به أي جسيم مادي في أبعاد الزمكان الأربعة، من خلال تشعبات حسابية في الفضاء الزمكاني المغلق ليعود إلى نقطة البداية. وهذه هي فكرة كيرت غول عام 1949.
النظريات العلمية:
العوالم الموازية:
هنا قيامك بقتل جدك سيخلق عالم موازٍ آخر جديد في لحظة عودتك للماضي. لكن لا وجود لك في ذبك الكون فقط ستكون موجودًا في عالمك الذي سافرت منه ولن يتغير ذلك أبدًا. وحسب ما سبق، الناتج سيكون عوالممتوازية لها مستقبلات مختلفة، وهذا الشيء سيحدث أيضًا لو قمت بقتل نفسك؛ حيث سيكون هناك عالمين متوازيين أحدهما أنت موجود فيه، والآخر لن تكون فيه بتاتًا.
مبدأ الاتساق الذاتي لنوفيكوف:
يوضح المبدأ أمكانية السفر الزمني إلى الماضي دون حدوث أي معضلات أو مفارقات. حيث لا يحدث تجاوز لقواعد الفيزياء الكونية الخاصة من قبل نظرية المنحنيات شبه الزمنية المغلقة، فسيكون كل شيء متسق مع الكون، فأي شيء حدث في الماضي، سيحدث، ولا يمكن للمسافر الزمني أن يغيره مهما حاول.
حيرت معضلة الجد العلماء لوقت كبير، وتعددت الآراء حولها، وبقي الوضع كما عليه حتى عام 2014، عندما وضع نموذج استخدم الفوتونات يثبت إمكانية حل المعضلة بميكانيكا الكم، إبطال الشيفرة الكمومية. فحسب هذا النموذج، يوضح ديفيد دويتش أنه يمكن تجنب متناقضات المنحنيات شبه الزمنية المغلقة في المستوى الكمومي لأن الجسيمات الأساسية تتبع قواعد متشوشة من الاحتمالات المختلفة في سلوكها بدلًا من الحتمية المطلقة، فمثلًا الفوتونات تتصرف كجسيمات وكفوتونات وتخضع للاحتمالات المختلفة بدلًا من الحتمية المطلقة فلا يمكن التحكم بها أو توقع نتيجة ما يحدث لها بدقة.
تم اختبار نموذج دويتش من خلال إرسال جسيم ميكروسكوبي للماضي عبر مسار مدروس ليقلب مفتاح على الآلة التي تولّد الجسيمات التي ولدته ليقوم بتشغيلها. وعند قلب الجسيم الميكرسكوبي للمفتاح ستقوم الآلة بإصدار الجسيم نفسه إلى المنحنيات شبه الزمنية مرة أخرى، وإن لم يتم قلبه، فلن تحدث الآلة شيء، فلا يوجد شيء قطعي أو حتمي في هذا النموذج، فقط يوجد توزيع للاحتمالات المختلفة.
كما تم أيضًا محاكاة النموذج باستخدام تفاعلات أزواج الفوتونات المستقطبة في أحد الأنظمة الكمومية المكافئة رياضيًّا بحيث تجتاز فوتون واحد للمنحنيات شبه الزمنية، ثم تم تشفير استقطابه ليمثل أحد فوتونات تفاعل سابق للفوتون الأول المستخدم. وبدلًا من أن يرسل شخص ما عبر الحلقة الزمنية، سنصنع شبيه أصلي مزدوج له ليتم إرساله عبر جهاز المحاكاة للمنحنى الزمني لنكتشف هل سيخرج هذا الشبيه من الحلقة الزمنية مشابهًا للشخص الأصلي كما كان في اللحظة الزمنية في الماضي، من خلال قياس حالة الاستقطاب للفوتون الثاني بعد أن يتفاعل مع الفوتون الأول.من خلال المحاكاة السابقة خرج الفوتون الثاني مطابقًا تمامًا للفوتون الأصلي الأول عند المدخل، لذلك تم برهنة فرضية الاتساق الذاتي وإثبات نجاحها.
نشر باحثون بقيادة سيث لويد من معهد إم آي تي مع أخرين دراسة تفيد أن نظرية إينشتاين النسبية العامة تدعم نظرية المنحنيات شبه الزمنية المغلقة، وأن نظريته تقدم النموذج الصحيح لهذه المنحنيات شبه الزمنية، وهي توضح كيف يمكن السفر عبر الزمن حتى في حالة عدم وجود المنحنيات شبه الزمنية المغلقةالتي تنبأت بها نظرية النسبية العامة.
لا يؤيد هوكنج وفيزيائيون آخرون فكرة المنحنى الزمني المغلق، لأنهم يفترضون أن أي جسم ميكروسكوبي أو جسيمي يسافر عبر إحدى المنحنيات سيخلق بلا شك معضلة ينعدم عندها تأثير السبب ونتيجته. حيث لن يتضح حينها أي الحدثين سبّب الآخر، فالحدث المستقبلي أدى لظهور سبب الحدث في الماضي
طرح لويد، ، حل أقل تطرفًا من نموذج المنحنيات شبه الزمنية في معضلة الجد، وذلك باستخدام ما بعد الانتقاء للنقل الآني الكمومي، فأجرى محاكاة مع زملائه عام 2011 ليجد أن نموذج دويتش تأثيره غريب على االارتباطات حيث يدمرها، والمسافر الزمني يدخل العالم الجديد لا علاقة له بالكون المستقبلي في العالم الموازي، لكن تقنية Post selection للمنحنيات شبه الزمنية المغلقة ستحفظ الارتباطات ليتمكن المسافر الزمني من العودة إلى كونه الذي يعرفه.
المراجع: