لو فكرت بهذا الأمر من منظوري الشخصي وبعيدًا عن التفكير بشكل عُصابيّ أو نفسي أو عاطفي، فأجد أن لا بأس من طلب المساعدة ممن يستطيع تقديمها، لأن ضمن ما أؤمن به أننا أطراف نتبادل المصالح العامة والشخصية، ولا عيب في ذلك. وأدرك أن طلب العون والاستجابة لهذا الطلب هو من الفضائل، فالله في عون العبد، مادام العبد في عون أخيه.
الآن سألبس حذاء من يخجل من طلب المساعدة وأفكر بما يفكر ويعتقد حول هذا الأمر. تقول أماندا بالمر، الفنانة ومؤلفة كتاب فن السؤال:" إن طلب المُساعدة أمر صعب، وشاق، طلب المُساعدة بأي شئ، مال، فُرصة، إذن، موعد، أو حتى مُساعدة معنوية".
تختلف طبيعة الشخصيات من فرد لآخر، ومن ضمن الشخصيات التي تعايشت معها، وجدت أن أكثر الشخصيات رفضًا لطلب المساعدة هي الشخصيات الانطوائية والخجولة والحساسة، حيث أن خوفهم من رفض طلبهم، وإطلاق الأحكام المسبقة عنهم، وشعورهم بالحرج أو الذنب تجاه كشفهم لما يعتقدونه أنه ضعف، هو ما يدفعهم لكتم ما يرغبون، والخجل من طلب المساعدة. لذا عند تعاملك مع هذه الشخصيات، عليك أن تكون ودودًا لطيفًا معهم وتحاول استيعاب طبيعة شخصياتهم.
قد يتولد لدى البعض اعتقاد أن ما يعانيه من خجل في طلب المساعدة هو شأنٌ بسيط، ويمكن تجاوز هذه المعاناة بسهولة. وهذا الاعتقاد ناتج عن سماعك لجمل: " عليك تجاوز الأمر"، " كُلنا مررنا بما تمر به"، " هذه هي الحياة، فلا تعظّم الموضوع". لذلك ستقنع نفسك بأن هذه هي مشكلاتك، وعليك أن تحلّها بطريقتك، ولا يجب أن تشاركها مع أحد.
إن طبيعة التربية التي تتلقاها، والتنشئة التي تتعلمها من محيطك، هي سبب الخجل من طلب المساعدة. فمن الممكن جدًا أن يتنمر بعض زملائك عليك بسبب هذا الطلب، أو ينظرون لك بدونية، أو تتم مساعدتك بفوقية، أو يتم رفضك بطريقة مستفزة أو عنيفة. كما أن بعض الأفكار البالية التي تزرع في رؤوسنا أن طلب المساعدة هو نوع من التذلل، الذي يعرّض من يطلبها للشفقة، وأن كبريائك يمنعك للبدء بهذه الخطوة، مهما تعرضت له من صعاب. كما أن إدخالك أشخاصًا إلى هالتك أو منطقتك الشخصية قد يشعرهم بالضغط، وخاصة إذا تعرضوا للنقد أو اللوم أو سيل من الآسئلة التي تحتاج لإجابات، مما يستنزفهم ويحطّم من نفسياتهم.
النظرة الأخرى في المجتمع تعتمد على المصالح المتبادلة والمعاملة بالمثل أو بما يسمى "رد الجميل". وقد يخشى البعض من عدم قدرتهم على فعل ذلك، أو بسبب حالتهم الاقتصادية والاجتماعية. وعندها قد يصل طالب المساعدة للشعور بالإهانة لعدم استطاعته سداد ما عليه بمصلحة أعلى أو مساوية لما قُّدم له.
وللخروج من منطقة الراحة الخاصة بالخجل من طلب المساعدة،تُقدم الكاتبة والمدربة نورا كلافر في كتابها "طلب المساعدة وقت الحاجة" سبع خطوات هي:
الخطوة الأولى: حدد حاجتك وتعهد بأن تظل منفتحًا على الحلول الممكنة الأخرى.
الخطوة الثانية: استخدم التعاطف الذاتي لتتأكد من أنك تستحق.
الخطوة الثالثة: يؤهلك التعاطف مع الذات للسؤال ؛ وطبق ما تؤمن به، حيث أن إيمانك يدعمك عند إرسالك إشارة استغاثة.
الخطوة الرابعة: اسأل: "الفضائل المطبقة للتعاطف مع الذات والإيمان هي مشاعر قوية تحول طلب المساعدة إلى الإعلان عن حب الذات والرعاية الذاتية.
الخطوة الخامسة: كن ممتنًا: "تخلص من الغيبوبة التي تحملها "الندرة" لترى "الوفرة" الموجودة بالفعل وسيزداد الامتنا."
الخطوة السادسة: استمع بشكل مختلف: ركزعلى زميلك. أن تُسمع هو هدية عظيمة بقدر ما يمكن للمرء أن يحصل عليها.
الخطوة السابعة: قل شكراً (ثلاث مرات: عندما يوافق زميلنا على مساعدتنا ، وعندما يتم تقديم المساعدة ، وفي المرة القادمة التي نرى فيها زميلنا المساعد).
لذا لا تنتظر حتى تقع في دائرة التخبط والغرق. وقد أعجبني ما قالته الممثلة أودري هيبورن: "تذكر، إذا احتجت إلى يد مساعدة ، فستجد واحدة في نهاية ذراعك. عندما تكبر ستكتشف أن لديك يدان. واحدة لمساعدة نفسك، والأخرى لمساعدة الآخرين".
المراجع: