لماذا نحزن تنفتح جروحنا النفسية في الليل فقط؟

1 إجابات
 لا أريد أن ألقي جملة الإكتئاب الليلي بشكل مباشر هكذا لأنه طبعا يوجد فرق كبير بين الحزن والإكتئاب، ولكن في حال كنت تشعر أنك مكتئب ( وهنا أشجع على إعتماد التشخيص من طبيب نفسي وتجنب التشخيص الذاتي لخطره الكبير )، أو تم تشخيصك الإكتئاب، فيمكننا أن نتحدث حينها عن الاكتئاب الليلي.

الإكتئاب الليلي يرافقه الشعور بالعزلة والوحدة، تسارع الأفكار والاضطراب المزاجي مما يؤدي بشكل بديهي إلى مشاكل في النوم وحدوث الأرق.

من أكثر الأسباب وضوحاً هي نقص المشتّتات في الليل, فالليل وقت الهدوء والراحة والنوم لو أردنا أن نتحدث بشكل تقليدي جداً، ولكنه بالفعل في الكثير من الأحيان يمتاز بالهدوء أكثر من النهار، وزيادة الهدوء تعني قلة الملهيّات والمشتّتات، أي إتاحة المجال لجميع الأفكار بالقدوم والإبحار، الأفكار السلبية والذكريات والوساوس والتفكير الزائد عن حده بكل التفاصيل غير المهمة والمهمة والتي لم تخطر على بال أحد.

تبعاً لدراسة أجراها العلماء سنة 2013 على الحيوانات، تم فيها تعريض الحيوانات لأشعة تلفاز ساطعة في غرفة معتمة، مما أدى إلى زيادة نسبة الكورتيزول في أجسامهم، وتغيّر منطقة الحصين في الدماغ، الأمرين الذين بدورهم، كفيلين على زيادة أعراض الاكتئاب. في المحصلة، تبين أن الأضواء البراقة البيضاء والزرقاء في الليل, تزيد من تيقّظ الإنسان بل وتزيد من أعراض الإكتئاب والحزن. وهذه الأضواء أيضاً قادرة على تخريب وتعطيل ساعتنا البيولوجية، لهذا نحن نطفىء الأنوار في الليل، لكي يستعد الجسم للنوم والاسترخاء، وفي حال تعرضنا لأضواء صناعية من الهاتف مثلاً, فإننا نبقى متيقظين لساعات أطول، فتدمر ساعتنا البيولوجية ويتهدّم جميع حالنا.

في دراسة أجريت على 32 ألف إمرأة معدل أعمارهن 55 سنة ولا يعانين من الإكتئاب، تم تقسيم ما نسميه بالنموذج الزمني أو Chronotype إلى ثلاثة أقسام: مبكّر، متوسط، متأخّر، ونقصد هنا النموذج الزمني للإستيقاظ، هل أنت عصفور باكر أم بومة ليل، أم بين بين؟ من خلال متابعة النساء حتى بعد أربع سنين من الدراسة, تم تشخيص ألفا امرأة بالاكتئاب. من هؤلاء النسوة اللاتي يعتبرن عصافير مبكرة، أي يحببن الاستيقاظ مبكراً، فإن خطورة تعرضهن للإكتئاب تقل بنسبة 12% عن النساء اللواتي يسهرن إلى وقت معقول في الليل ويستيقظن في وقت معتدل نسبياً بين المبكر والمتأخر. بينما النساء الساهرات ليلاً فإن خطورة إصابتهن بالاكتئاب تزيد بنسبة 6%. أي أنه كلما كانت المرأة تسهر كثيراً كلما زادت نسبة تعرضها للحزن او الاكتئاب, وفقاً لهذه الدراسة. هذا لا يعني بالضرورة أن السهر لوقت متأخر يسبب الاكتئاب في جميع الحالات، ولكنه يعني أنه علمياً تم ربط السهر ليلاً بالحزن، ولكن طبعاً، لكل قاعدة شواذ.