لأن القوى العليا التي تحكم الإنسان الإعتيادي هي
الدين، أو الرب، وجميع الأديان تقول أن أنفس وأرواح البشر تنتمي للرب، فهي ليست ملكاً للإنسان ولا بأي شكل، لذلك فإن أخذ الروح بمثابة أخذ مِلك للرب.
في الأعراف اليهودية، سفر التكوين 9:5,And for your lifeblood I will require a" reckoning " يوحي النص بأحقية الرب باختيارات الإنسان وحياته، والشخص المُنتحر في الديانة اليهودية يُحرم من الدفن في مدافن اليهود ( تقليدياً )، ولكن الأمر قد تغير مع تطور الوقت إلا أنه كان موجوداً سابقاً، وقد يكون موجوداً الآن عند المتشددين منهم.
كذلك الأمر في الديانة المسيحية. يقول القديس أوغسطين، الأسقف والفيلسوف الكاثوليكي: من ينتحر فهو قاتل. " He Who Kills Himself Is a Homicide ".
الشاعر الإيطالي دانتي أليغري في قصيدته " الجحيم "، وضع المنتحرين في الدرجة السابعة في الجحيم، مجسداً لهم على شكل شجرة تنزف كلما قُطع منها غصن أو قُشّر منها جزء.
أما في الإسلام، الإنتحار محرّم في القرآن والحديث، وعقاب المنتحر الجحيم الأبدي.
في الهندوسية، فيطلق على الإنتحار الكلمة السنسكريتية atmahatya، والتي تعني عند ترجمتها حرفياً: قتل الروح.
ما لا يدركه الناس، أن سلطة الرب والدين لا تنطبق على جميع الناس بلا استثناء، وأن الشخص المنتحر، تكون همومه قد فاقت أي معيار وأي حد، الى درجة أنه لا يرى أمامه إلا هذا الحل، فتنهمر الأحكام البشعة والشتائم على المنتحر، غير مراعين أبدا أنه قد فارق الحياة وانتهى، أو غير مراعين لمشاعر أهله واصحابه، لأنهم يظنون أن بيدهم الحق الإلهي في الحكم على الأشخاص المخالفين لقوانينه، لابسين أردية القُضاة مطلقين الآراء التي ليس لها داع، والتي لم يطلبها أحد، على هذا وذاك، وكأنهم ملائكة لا تخطئ.
يقول الدكتور
لاكشمي فيجاي، مؤسس مركز منع الانتحار في الهند ومستشار منظمة الصحة العالمية. أن من أهم أسباب عدم استيعاب الناس للانتحار هو انعدام المفهوم والمعنى الحقيقي للإكتئاب لديهم، الإستخفاف الكبير بالإكتئاب وجهل تأثيراته، وعدم التفريق بين الحزن العادي، والإكتئاب المصاحب والميول والأفكار الانتحارية. الإنتحار خطوة غاية في الصعوبة، وكثرة أعداد المنتحرين لا تعني أنه أمر سهل على الإطلاق، بل هو دليل حقيقي على شدة خطورة الإكتئاب أو أي أمراض نفسية أخرى مؤدية للإنتحار.
عدم شعورنا بالإكتئاب يساهم في صعوبة استيعابنا له، لا نستطيع أن نحس بالأعمى لأننا نرى، ولا نحس بالشخص المُقعد لأن أرجلنا تتحرك، الاكتئاب والميول الانتحارية ذات الشيء. من الصعب أن نشعر بها ونفهمها إلّا إذا عشناها.