صحيفة أو وثيقة المدينة التي كتبها النبي صلى الله عليه وسلم فور وصوله للمدينة المنورة بعد الهجرة لتنظيم الشؤون الداخلية للمدينة المنورة، وتنظيم العلاقات ما بين سكانها جميعاً، المسلمون فيما بينهم: مهاجرين وأنصار، والعلاقة بين المسلمين وغيرهم من السكان الموجودين وقتها من اليهود والوثنيين، وهي بمثابة " الدستور" للدولة وفق المصطلحات الحديثة.
ةسمّاها كُتَاب السّيَر الأوائل أيضاً بـ " صحيفة الموادعة " أي أنها وثيقة عاهدت هؤلاء غير المسلمين من سكان المدينة المنورة حينها ( اليهود والعرب المشركين) وأحسنت إليهم في هذا العهد فلم تظلمهم ولم تتسلط عليهم من منطلق القوة والبطش، فهي وادَعَتهم وتعاملت معهم باللين.
قال ابن إسحاق: " وكتب رسول الله صلى الله عليه وآله كتاباً بين المهاجرين والأنصار وادَع فيه يهود وعاهدهم، وأقرّهم على دينهم وأموالهم، وشَرَطَ لهم واشْترَطَ عليهم "
ووفق هذه الوثيقة أو المعاهدة - التي أقرها وقبل بها كل السكان بمختلف انتماءاتهم الدينية والقَبَلية - صارت المدينة دولة توافقية، الزعامة والإمارة فيها للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، والمرجعية العليا للإسلام، وجميع الحقوق الإنسانية مكفولة لكل أفراد الدولة وإن كانوا غير مسلمين كحق حرية الاعتقاد، كما وانتشر فيها العدل. ولعل من أسباب تسميتها بالموادعة أنها تفسح لغير المسلمين من سكان المدينة وقتها فرصة المشاركة والمعايشة القائمة على الاحترام المتبادل، مما ينشر أجواء من الوداعة والانسجام والألفة والأمان بين سكان المدينة.
“حوى هذا الدستور اثنين وخمسين بنداً، خمسة وعشرون منها خاصة بأمور المسلمين، وسبعة وعشرون مرتبطة بالعلاقة بين المسلمين وأصحاب الأديان الأخرى، ولاسيما اليهود وعبدة الأوثان، وقد دُوّن هذا الدستور بشكل يسمح لأصحاب الأديان الأخرى بالعيش مع المسلمين بحرية، ولهم أن يقيموا شعائرهم حسب رغبتهم، ومن غير أن يتضايق أحد الفرقاء، وفي حال مهاجمة المدينة من قبل عدو عليهم أن يتحدوا لمجابهته وطرده. "