لماذا تُحب/ين الفيزياء؟

لو طُرح عليّ نفس هذا السؤال قبل عشرة أعوام، لكان جوابي بالتأكيد: ومن قالَ أني أحبُ الفيزياء؟ و كأي شخص يربط معيار السهولة-الصعوبة بدرجة محبة أو كره، كنت ساذجة بما فيه الكفايه لكي أحكم على الكتاب من غلافه. أما الآن و قد اخترت طواعةً مسيرة مهنية كاملة، حياة كاملة قائمة على الفيزياء، دعوني أخبركم قليلاً عن عالم الفيزياء المثير، و الأسباب التي جعلتني -كما أراهن أنها ستجعلكم- من عشاق الفيزياء و ربما من ممتهنيها.
يكمن سحر الفيزياء بدايةً بأنه يسمح لك بأن تأخذ أجزاء من البيانات و المعلومات التي تعرفها مسبقاً، و تماماً على الطرف المقابل من المعادلة تعطيك ناتجاً ( جزءاً من معلومة) لم تكن تعرفها مسبقاً ! لتفعل بها ما تشاء ..
و من فضائل الفيزياء العظيمة تلك الإسهامات التي شاركت بها في تطبيقات الحياة اليومية لتجعل حياتنا أفضل و أكثر سهولة بالتالي.
فمن أحد أبسط الأمثلة، أنك تستطيع معرفة سرعة سيارتك الخاصة إذا عرفت المسافة التي قطعتها و الزمن الذي قطعتها به!
نستطيع إستخدام الفيزياء، و بشهل بديهي السحر المرافق له، لنبني محطات الطاقة التي تزود المحيط بكامله بالكهرباء، فلولا الفيزياء لما استطعنا إنجاز ذلك.
نستطيع إستخدام الفيزياء إذا شئنا لصنع الحواسيب الرقمية، و التي لولاها لما استطعت عزيزي القارئ البحث عن و طرح هذا السؤال و لما استطعت أنا بدوري أن انتهز الفرصة للإجابة عليه.
و من أحد الأوجه العظمى لعلم الفيزياء هو كيف أنها تعتبر الركيزة الأساسة للعلوم الأخرى كالهندسة بتطبيقاتها المختلفة، الكيمياء و الأحياء، و كل ما يعتمد عليها، و تسمح لنا كبشر بإعادة صنع و هيكلة و توجيه العالم بالشكل الذي نريده و الأهم من ذلك بالشكل الذي نحتاجه. وكلما توجهنا بالزمن للأمام سنلاحظ أن البشرية تتصارع بشكل متزايد مع ظواهر عالمية كالاحتباس الحراري مثلاً، و لذا فإن فماً عميقاً لعلم الفيزياء و المعلومات التي تأتي مرافقة له يمكن تصنيفه بكل ثقة على أنه متزايد الأهمية.
و الأهم من ذلك كله، حقيقة أن الكون، الذي يطيع كل القوانين الفيزيائية، يمكن فهمه بواسطة الفيزياء.
تصور كوناً يمكنك فهمه و التنبؤ بل تحركاته بواسطة الفيزياء! فيمكنك إكتشاف أسرار الكون منذ نشأته، كوننا الحالي، و حتى يمكنك التبؤ بالشكل الذي سيكون عليه في المستقبل.