لماذا بعض الناس تزداد بعداً عن الدين مع ما يرون من الآيات الدالة على غضب الله؟

1 إجابات
profile/دمحمد-الطويل-1
د.محمد الطويل
الشريعة
.
٠٣ ديسمبر ٢٠٢١
قبل ٣ سنوات
أهلاً بك السائل الكريم، لذلك سببان رئيسان :

الأول: طبع الله على قلوبهم بذنوبهم التي اقترفوها

حيث تصبح القلوب مُغلقة فلا تعقل ولا تتدبَّر، ولا تفهم ذاك الفهم الذي يتبعه عمل، فترى الآيات والمواعظ والزواجر ولا تنتفع بها شيئاً، وهذا من أعظم المصائب، وفي ذلك يقول المولى -سبحانه-:

  •  (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَـكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ). "الحج: 46" 
  • (أوَلَم يَهدِ لِلَّذينَ يَرِثونَ الأَرضَ مِن بَعدِ أَهلِها أَن لَو نَشاءُ أَصَبناهُم بِذُنوبِهِم وَنَطبَعُ عَلى قُلوبِهِم فَهُم لا يَسمَعونَ). "الأعراف: 100" 
  • (وَكَأَيِّن مِن آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالأَرضِ يَمُرّونَ عَلَيها وَهُم عَنها مُعرِضونَ). "يوسف: 105" 
  • (كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ). (المطففين: 14)
وهذا الطبع والخَتم على القلب بحيث لا ينتفع بالمواعظ والزواجر، فهو ليس ظلماً من الله للعباد فتعالى الله علوَّاً كبيراً عن الظلم؛ بل هو جزاء على إعراضهم الأول وغِّيهم وانهماكهم بالشهوات، رغم قيام الحجة البالغة، ورؤيتهم مصير السابقين، فهذا الطبع والختم جزاء بما كسبت أيديهم.


أخرج مسلم في صحيحه من حديث حذيفة -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال (تُعْرَضُ الفِتَنُ علَى القُلُوبِ كالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا، فأيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَها، نُكِتَ فيه نُكْتَةٌ سَوْداءُ، وأَيُّ قَلْبٍ أنْكَرَها، نُكِتَ فيه نُكْتَةٌ بَيْضاءُ، حتَّى تَصِيرَ علَى قَلْبَيْنِ: علَى أبْيَضَ مِثْلِ الصَّفا فلا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ ما دامَتِ السَّمَواتُ والأرْضُ، والآخَرُ أسْوَدُ مُرْبادًّا كالْكُوزِ، مُجَخِّيًا لا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا، ولا يُنْكِرُ مُنْكَرًا، إلَّا ما أُشْرِبَ مِن هَواهُ).

لذا فإنّ القلب الذي يشرب الفتن يعني الشهوات والمعاصي وينهمك فيها ولا ينكرها ويستمرّ في ذلك ينتهي به المطاف إلى قلب أسود معكوس منكوس الفطرة نسأل الله العافية.

الثاني: حب الدنيا والانهماك فيها ونسيان الموت والآخرة

وما نراه اليوم خير شاهد على ذلك؛ فكثير من مظاهر الحضارة في هذا الزّمن قائمة على الشهوات، جعلت همَّ الناس في الغالب وشغلهم هو في كيفية كسب المال، وإشباع الشهوات، قال الله -تعالى- (اقتَرَبَ لِلنّاسِ حِسابُهُم وَهُم في غَفلَةٍ مُعرِضونَ* ما يَأتيهِم مِن ذِكرٍ مِن رَبِّهِم مُحدَثٍ إِلَّا استَمَعوهُ وَهُم يَلعَبونَ* لاهِيَةً قُلوبُهُم ..). "الأنبياء: 1-3"