عزيزي السائل عليك أن تعرف الأمور التالية أولاً أنك قبل أن تحذر هذا الشخص من الآخر الذي تجده سيئاً...
- أن الشخص الذي تريد أن تحذره منه هو فعلاً سيء، وقد أثبت عدم جدارته في أكثر من موقف مع أكثر من شخص مع اختلاف الظروف... فطبيعتنا نحن البشر أننا أحياناً نحكم على شخص بأنه سيء فقط لأنه أخطأ في حقنا مرة واحدة وننسى كل مواقفه النبيلة والجميلة ولا نتذكر منه إلا هذا الموقف... دائماً التمس الأعذار للناس؛ فقد يكون قد صدر عنه هذا التصرف لمروره بظروف صعبة، وقد يكون قد اعتذر عن خطئه وأدركه، وقد تكون أنت من استدرجه لفعل هذا بشكل مباشر أو غير مباشر. لقد تعرضت الشركة التي كنت أعمل فيها للسرقة في يوم من الأيام، وعندما تم الكشف عن هوية السارق كان أحد الموظفين القديمين المخلصين في عملهم، وعندما عوقب بالطرد من العمل، قررت المديرة أن تبحث له عن عمل آخر! وذلك لأنها تعرفه جيداً وتعرف أنه ما كان ليفعل هذا لو لم يكن مضطراً له، وأنه لم يفعله من قبل، ولن يكرره ثانية في حياته!
- إن كانت علاقتك مع الشخص الآخر الذي تريد تحذيره قوية وهو يتقبل النصح، وإلا ستدخل نفسك في مشاكل بينهما.
- إن كان الموضوع جدياً، ولكن إن كان الأمر بسيطاً فلا داعي لأن تحذر منه، ودع الآخر يجرب بنفسه، فلن يخسر الكثير، وقد تكون تجربته بالتعامل معه ناجحة ومختلفة عن تجربتك، وحتى لو كانت ليست ناجحة فاتركه يستفيد منها ويتعلم من كيسه.
- إن كان الشخص سيئاً فعلاً فاعلم أن من واجبك تحذير الناس منه، وأن هذا لا يدخل في الغيبة والنميمة لو كانت نيتك هي ألا تضر أحد، ولو فعلت هذا بطريقة غير جارحة ولم تبالغ في الكلام... تعتمد الطريقة التي عليك اتباعها في إيصال رسالتك للناس على عدة أمور منها علاقتك بالشخص الذي تريد تحذيره والموقف الذي صدر عن الآخر وعدة أمور أخرى... فأحياناً يكون التلميح للشخص بالابتعاد عن التعامل مع هذا الشخص السيء كافياً، وأحياناً تحتاج لسرد القصة والموقف الذي جعلك تحكم عليه بأنه سيء، وأحياناً يمكنك التحذير منه بوجوده بطريقة لائقة...
قبل فترة تعاملنا مع مركز لرعاية الأطفال من ذوي الإعاقة وتأهيلهم فسجلنا ابن أختي فيه، فهو يعاني من ضمور في الدماغ... ولكن هذا المركز كان سيئاً فعلياً لأنهم لم ينتبهوا عليه فكسرت قدمه أمامهم أثناء جلسة العلاج الطبيعي، ولم يسعفوه بعدها بل قالوا أنه "يتدلع" فأصروا أن يمشي عليها مما تسبب في كسرها. كما اتبعوا معه طريقة خاطئة فيما يخص موضوع التكامل الحسي فتسببوا له بمشاكل حسية لمسية ما زلنا نعاني منها حتى الآن وقد أخرت مسيرة علاجه كاملة، كما كانوا يجلسونه وحيداً في المطبخ ولا يتركوه يندمج مع الأطفال الآخرين، ناهيك عن عدم قدرتهم على التعامل مع سلوكياته وغير ذلك الكثير.
صادفت مرة منشور تقول فيه والدة طفل يعاني من إعاقة ذهنية بأنها بحاجة لأخصائية سلوك تستطيع التعامل مع سلوكيات طفلها وتعديلها بالإضافة لرعايته وتعليمه مهارات الحياة الأساسية، فوجدت المعلمة التي كانت السبب بكل ما حدث مع ابن أختي تعرض خدماتها على الأم وتعرف على نفسها بأن لديها خبرة طويلة في ذلك وأنها معلمة ناجحة وما إلى ذلك، وقررت الأم التعامل معها. ولأنني أعلم ماذا يعني أن يخطئ شخص مع حالات خاصة كهذه، وكم يضيع من الأمل والوقت والجهد والمال مع كل غلطة صغيرة، شعرت بالمسؤولية بأن علي تحذير هذه الأم منها، فوقعت في نفس الحيرة التي تعاني منها أنت الآن... فأنا لا أعرف هذه الأم، وقد تكذبني وتحرجني، كما أنني لا أريد الدخول في موضوع الغيبة والنميمة بعد أن قررنا نسيان ما حدث ومسامحة المركز والبدء من جديد... أردت الرد على المعلمة بتعليق لأحذر الأم بطريقة علنية ولأبتعد عن الوقوع في الغيبة، ولكنني لم أفعل حتى لا أحرجها أمام الجميع، ففضلت أن أرسل رسالة للأم لأحذرها منها دون الخوض في تفاصيل ما حدث مع ابن أختي؛ فقلت لها ببساطة أنني أنصحها بالتعامل مع معلمة مجربة وأن تسأل عنها كل من جربها لأن هذا الموضوع حساس، وأنني تعاملت مع هذه المعلمة وأخطأت كثيراً مع الطفل، وطلبت منها طبعاً ألا تسألني عن التفاصيل وقلت لها أنني أخبرتها فقط لأنني أعلم حجم المعاناة التي يعاني منها الأهل إن كان المختص الذي يعمل مع طفلهم غير كفؤ.
أحياناً يمكنك التحدث عن الشخص السيء لشخص آخر بوجوده عن طريق مزحة، فمثلاً إن طلب شخص ديناً من شخص آخر وأنت تعرف أنه لا يعيد المال عادة وتعرف أن الشخص الذي سيداينه لا يملك المال وبحاجة لسداد أمواله، يمكنك أن تقول له بمزحة أن الأولى أن يسد ما عليه من أموال قبل أن يتداين من جديد. هنا تكون قد تكلمت عنه بوجوده وبطريقة لائقة نوعاً ما، وفي نفس الوقت أوصلت رسالة للشخص الآخر.
أعلم أن الموضوع ليس سهلاً، وأتمنى أن تكون إجابتي مفيدة...
بالتوفيق