كيف يمكنني أن أكشف الكذب؟

 

الكذب آفة منتشرة بمجتمعنا بشكل كبير للأسف، واليوم أصبح للكذب ألوانا حتى نبرر لأنفسنا هذا العمل، فصرنا نسمع عن الكذبة البيضاء والكذبة السوداء وغيره من الألوان. لكن في الحقيقة، تفاعل جسمنا مع الكذب هو واحد بكل أنواع الكذب.

ولكشف الكذب، علينا أن نجيب على ثلاثة أسئلة هي: 

أولا : لماذا الشخص يكذب؟

ثانيا : ماذا يحصل داخليا لجسم الشخص الكاذب؟

ثالثا : ما هي الإشارات التي تدل على أن الشخص يكذب؟ 

للإجابة عن السؤال الأول، فبشكل عام، الإنسان يكذب لحماية نفسه من أمر ما، هو قرر أن هذا الأمر يشكل خطرا عليه. أي أن الكذب عمليا هي رسم خط دفاع وهمي يبعد فيه الكذب الحقيقة عن الشخص الآخر، فيكذب الكاذب إما هروبا من ألم معين، أو طموحا للوصول إلى سعادة محتملة. 

بكلمات أخرى، يهرب الشخص من ألم ليتجنب عقابا معينا، وهذا يحدث مثلا عندما يقوم شرطي المرور بإيقاف شخص لسؤاله عن سرعة قيادته، فيقوم السائق باختراع قصة معينة ليتجنب عقوبة المخالفة.

أو يكذب طموحا للوصول الى سعادة، كأن يرفع مكانته الاجتماعية، فتسأله عن وظيفته، ويجيبك أنه مدير العلاقات العامة في شركة معينة، وهو في الحقيقة عكس ذلك كليا.

ثانيا: ان الشخص الذي يكذب، يضطر الى بذل مجهود مضاعف، فيخلق الجسم حالة من التوتر، لأنه في عقل الشخص الكاذب توجد الحقيقة من جهة، وتوجد الكذبة التي اخترعها من جهة أخرى، ويحاول العقل المحافظة على كلاهما، فيزيد الحمل على الجسم في محاولته للتستر على الكذب. 

علميا، عندما نكذب، أجسامنا تفرز مادة "الكورتيزون"، وهي مادة محفزة جدا، وإذا كانت الكذبة كبيرة، فإنه يقوم جسمنا بإفراز دفعة كبيرة من "الأدرينالين"، فتتسارع دقات القلب، و حدقة العين تتوسع، وتضطر مسامنا لفرز مياه إلى الخارج كالتعرق، أي أن الجسم استنفر، وتحول إلى الحالة الدفاعية، وهذه الحالة الدفاعية تعطي إشارات تظهر على الجسم، فيتغير نمط كلام الشخص، فترتفع طبقة الصوت عنده، لأن الدماغ يعطيه دفعة مصطنعة، تظهر بتغيير وارتفاع نبرة الصوت.

 كذلك استعمال الكاذب كلمات غير مؤكدة قبل إلقاء الكذبة، مثل ( تقريبا، على الأرجح، ممكن، احتمال،….) الخ من كلمات تدل على أن الشخص غير واثق من الجملة التي يريد قولها. كأن يقول: "تقريا أنهيت العمل على أكمل وجه".

 أيضا يقوم الكاذب باستعمال لغة الجمع، فيتخلى عن كلمة "أنا" و يستعيض عنها بكلمة "نحن" ،كقوله: "نحن أنجزنا المهمة"، وهي خدعة يستعملها الكاذب المحترف ليخدع دماغه فلا يقوم الدماغ بالدخول الى الحالة الدفاعية.

متلازمة بينوكيو، تذكرنا بالقصة الشهيرة للدمية التي كلما كذبت، كان يطول أنفها، بينما الكاذب على أرض الواقع، لا يطول أنفه، إنما تطول جمله التي يقولها، لأن الكاذب لا إراديا يعتقد أن عليه الشرح أكثر، حتى يصدقه الناس.

أيضا نلاحظ تغير نمط النظر عند الشخص الكاذب، فإما أن ينظر إليك بطريقة حادة بدون أي ترميش، وكأنه تحول إلى نظام المواجهة في سبيل حماية كذبته، أو أنه يرمش بكثرة دليل على أن الجسم لا شعوريا لا يريد أن يرى الموقف، ويريد الهروب منه. فإذا لاحظت أن هناك تغيير في نمط النظر، فعلى الأرجح أن هذا الشخص يكذب.

عض الشفة أو ترطيبها ايضا نتيجة الأدرينالين الزائد، فإن أطراف الشفة تبدأ بالجفاف، وقد ترى مخاط أبيض حولها، لذلك يقوم الكاذب بشرب كميات كبيرة من الماء لتعويض النقص أو الجفاف، كما أنه يعض على شفته لإخفائها، وهذا طلب لا شعوري من العقل، كأنه يقول له "أرجوك أن تتوقف عن الكذب"