بفهم السبب الحقيقي وراء الاهتمام برأي الناس ورضاهم عنك؛ وهو الخوف من الرفض. يبدأ هذا النوع من الرفض غالبًا منذ الطفولة، سواء من الوالدين عند استعمالهم جمل مثل:"لن أحبك حتى تنهي طعامك" أو "لن أرضى عنك إذا لم تستمع لي"، أو حتى من الأقران عند رفضهم التعامل معك لاختلاف وجهات نظرهم عنك أو وجود اختلافات طبيعية بين بعضكم البعض. فتكمل بقية حياتك كمراهق أو شخص بالغ خائفًا دومًا من رفض الأشخاص لك، تسأل نفسك هل أنا محبوب؟، هل أنا مزعج؟، هل سيسخر مني الجميع إذا قدمت هذا العرض أمامهم؟.
أنت وبكل بساطة خائف، تريد أن يتقبلك ويحبك الجميع، وهذا شيء لن تستطيع تحقيقه أبدًا. ابدأ بالتكرار على نفسك فكرة أن (لا أحد يستطيع رفضك سوى نفسك)، فبجعل قيمتك وصورتك الذاتية تحت رحمة الأخرين، أنت ترفض نفسك. ادرك أنك لن تموت إذا رفضك الجميع، لكنك وبكل تأكيد لن تعيش إذا رفضت نفسك.
من التمرين مفيدة لتطبيق تلك الفكرة هي أن تقوم بتشرب واستيعاب الفكرة السابقة بِوعي؛ اجلس مع نفسك جلسة خاصة بمكان هادىء، وكرر على نفسك جمل تحمل هدف ترك اهتمام الناس مثل:"رأي الأخرين بي ليس من شأني" أو "أنا متقبل لنفسي وهذا هو المهم"، أو "أنا استحق الحصول على تلك الترقية" أو "أنا امتلك العديد من المهارات المدهشة". قم بالتنفس عميقًا أثناء قولك للجملة التي تمثل حقيقتك؛ سيساعدك التنفس على التركيز والتهدئة من نفسك.
فكر مع نفسك هل حقًا رضا الأخرين أو غضبهم مهم بالنسبة لك، أم أنها مجرد حاجة عاطفية تريد تغذيتها. يجب عليك أن تدرك أنه مسموح لك أن تكون مختلفًا عن القالب الذي وضعك به الأخرون؛ فما أهمية إعتقادهم بأنك شخص طيب وخَدُوم إذا كنت بداخلك تشعر أنك مستغل ومغلوب على أمرك!. أجعل شعور الرفض وعدم اتفاق الأخرين معك شيئًا عاديًا، وذلك بقيامك بالأمور التي تريدها أنت.
الوعي الذاتي ليس كافٍ لحل هذه المشكلة، فيجب عليك تعويض خروجك من دوائر رأي غيرك، بدخولك دائرتك التي صنعتها بشروطك ومبادئك وفلسفتك؛ بقيامك بتبني الفلسفة الخاصة بك.
و من التمارين التي تساعدك على صنع فلسفة خاصة بك هي سؤال نفسك: "ما المعتقدات التي أنا مؤمن بها في أعماقي؟"، قم بكتابة من 10 لـ 20 معتقد أو صفة تؤمن بها؛ كالصدق أو العمل الجاد، أو عدم إيذاء من حولك أو رد التضحيات التي ضحوا بها والديك عن طريق تشريف أسمائهم بالعمل المتميز. قم بكتابة أي شيء يناسبك، ثم قم باختصارها لـمن 3 إلى 5 معتقدات أساسية وجوهرية. وفكر لماذا اخترت هذه المجموعة من المعتقدات وكيف يمكنك إدخالها لحياتك اليومية، واربطها بأهدافك بعيدة المدى.
قم بتطبيق فلسفتك كل يوم، الفلسفة التي وضعتها لنفسك والمكان الذي رضيت به الذي لا يتبع رأي أحد سواك؛ لربما اخترت أن تكون فلسفتك "مسؤولية حياتي على عاتقي" أو "التصرف الخاص بي ينبع من النزاهة الشخصية"، بغض النظر عن اختيارك قم بالتصرف تبعًا له بشجاعة كل يوم.
لن اخبرك أن الأمر سيكون سهلًا من البداية، لكن شعور الحرية الذي يتبع قيامك بالشيء الصحيح والذي تريده سيدفعك إلى المواصلة. تحدى نفسك كل يوم؛ قم بالرقص بالحفلات دون الاهتمام بقدراتك أو رأي من حولك، شارك برأيك بالاجتماع بغض النظر عن قيمته بالنسبة للأخرين. اعط نفسك فرصة بأن تكون نفسك واسترد حياتك مرة أخرى.
-المرجع:
https://hbr.org/2019/05/how-to-stop-worrying-about-what-other-people-think-of-you *