تخيل أنك الآن في رحلة إلى وادي القمر (وادي رم)، لتتمتع بالطبيعة الصحراوية الخلَابة. في لحظة ما استلقي على رماله الناعمة ليلًا، فترى الإبداع في الخلق. نجوم متراصة متلألئة بعضها خافت الإضاءة وبعضها يضيء وكأنه فانوس سحري، وتعكس كثبانه الرملية الساحرة ألوانًا مميزة من ضوء القمر. هنا تتزاحم الأفكار والأسئلة حول عمر النجوم.
للنجوم أعمار مختلفة، فمنها ما هو نجم جديد التكوين قزم، ومنها ما هو فتيّ، ومنها ما هو عجوز. لقد أُجريت دراسات عدة للتعرف إلى كيفية تحديد عمر النجوم. واستطاع العلماء تحديد عمر النجوم من خلالها.
سنتطرق الآن لبعضٍ من هذه الدراسات الفلكية:
1. مراقبة طيف ولمعان وحركة النجوم:
وذلك من خلال استخدام تلسكوبات حديثة، فقد استطاع علماء الفلك معرفة ما يحتاجون عن أعمار النجوم بشكلٍ أساسي من خلال مراقبة طيفها ولمعانها وحركتها، فوضعوا ملف تعريف للنجم ، ثم يتم مقارنة النجم بالنماذج التي تُظهر الشكل الذي يجب أن تبدو عليه النجوم في نقاط مختلفة من تطورها. ومن هذا المنطلق، يمكنهم تحديد عمر النجم ومدة الحياة. ومن عيوب هذه الطريقة اعتمادها على دقة النماذج الموجودة مما يؤدي لعدم دقة الحسابات الرياضية لتحديد عمر النجوم.
2. من خلال سرعة دورانها:
تمكن فريق أمريكي من قياس سرعة دوران النجوم التي يتجاوز عمرها مليار سنة – وهي النتائج التي تطابقت مع توقعاتهم. استخدم فريق الدكتور ميبوم صورا من تلسكوب "كبلر" الحساس جدا للفضاء، والذي أطلق حول الشمس عام 2009. وتمكنوا من قياس سرعات دوران 30 نجما في مجموعة محددة يعود عمرها إلى 2.5 مليار سنة. حيث لاحظ الفريق ود. ميبوم أن: " النجم البارد يدور بسرعة كبيرة عندما يكون صغيرا في العمر، لكنه يصبح أبطأ وأبطأ مع تقدمه في العمر".
3. رصد لمعان النجم وكتلته:
النجوم تقوم بحرق وقودها باستمرار، ومع مرور الزمن، تتناقص كتلة النجم ويتغير لمعانه، وبمجرد استهلاك الوقود الداخلي للنجوم، فإنها تبدأ في التمدد وتنخفض كثافتها الكُلية. فالنجوم تزداد لمعانًا كلما زاد عمرها. بعض النجوم تمر بمراحل مميزة في حياتها تسمح بإعطاء حد أدنى لعمرها. فالنجوم الحمراء العملاقة تكون في آخر مراحل حياتها، وبقياس كتلتها يمكن معرفة عمرها لأن المراحل التي تمر بها قبل أن تصير عملاقا أحمر مفهومة إلى حد كبير.
4.العلاقة ما بين كتلة النجم ولونه وعمره:
قام باحثون من جامعة "إمبري ريدل للطيران" الأمريكية بتطوير تقنيةً جديدةً لقياس أعمار النجوم بطريقة تزيد دقتها عن الطرق التقليدية مرتين على الأقل. وتُسهم تلك الطريقة في معرفة الأعمار الدقيقة لنجوم مجرة "درب التبانة". توصًل العلماء في جامعة "إمبري ريدل للطيران" إلى طريقة تعتمد على قياس درجة حرارة سطح النجم وكتلته من خلال قياس درجة حرارة النجم عن طريق رصد لونه. وقد استخدم الفريق البحثي الذي أعد تلك الدراسة بيانات تم التقاطها بواسطة القمر الصناعي "Gaia" التابع لوكالة الفضاء الأوروبية لتحديد كُتل النجوم وأحجامها.
5.التأريخ الإشعاعي:
يتم فيها مقارنة كميات النظائر المشعة مثل اليورانيوم والثوريوم لتحديد تأريخ النجم بدقة أكبر. بمجرد معرفة التاريخ ، يكون التاريخ بمثابة الحد الأدنى لسن الكون لأن النجوم يجب أن تكون قد تشكلت بعد ولادته.
إن الطرق السابقة غالبًا ما تعطي نتائج مختلفة، لكن عندما قام العلماء بالجمع بينها استطاعوا إعطاء عمر تقديري للنجوم، يقارب عمر النظام الشمسي، مما يجعل العلماء يعتقدون أن الشمس (كنجم) والكواكب قد تشكلتا معًا.
المراجع: