كيف نجح أبو الحسن المسعودي في ربط التاريخ بالجغرافيا

1 إجابات
profile/طارق-زياد-الشرايعة
طارق زياد الشرايعة.
بكالوريوس في هندسة ميكانيكية (٢٠١٤-٢٠١٩)
.
٠٩ أبريل ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
"ومن علامة وفاء المرء دوام عهده وحنينه إلى إخوانه، وشوقه إلى أوطانه. ومن علامة الرشد أن تكون النفس إلى مولدها تائقة، وإلى مسقط رأسها شائقة."... من أقواله.

مؤرِّخ ورحَّالة وبحَّاثة، أخذ العلم في بغداد وفي غيرها من الأمصار، ورحل في الآفاق إلى أن حطَّت رحاله في مصر، فأقام فيها إلى أن مات.

هو المسعودي أبو الحسن علي بن الحسين بن علي المسعودي (283 هـ - 346 هـ / 896 - 957 م) مؤرخ، جغرافي ورائد نظرية الانحراف الوراثي. من أشهر العلماء العرب. والمعروف بهيرودوتس العرب. وكان من أوائل من جمع التاريخ والجغرافيا العلمية في عمل كبير، مروج الذهب ومعادن الجواهر.

لقبه قطب الدين، وهو من ذرية عبد الله بن مسعود. وقد ورد ذلك في كتابه مروج الذهب والتنبيه والإشراف يذكر به أهمية العراق وبغداد كونها مسقط رأسه بينما ورد في الفهرس لابن النديم أنه من أهالي المغرب. عالم فلك وجغرافيا. ولد ببغداد وتعلم بها، وكان كثير الأسفار وقد زار بلاد فارس والهند وسيلان وأصقاع بحر قزوين والسودان وجنوب شبه الجزيرة العربية وبلاد الشام والروم، وانتهى به المطاف إلى فسطاط مصر، وتوفي فيها.

كان ملمًّا بكثير من العلوم والثقافات، وقد اشتهر أكثر ما اشتهر في علم الجغرافيا، ويُعَدُّ كتابه "مروج الذهب ومعادن الجوهر" من أفضل المصنفات العربية الجغرافية التي تناول فيها الكثير من فروع علم الجيولوجيا في ثنايا المعلومات الجغرافية؛ فقد تناول فيه استدارة الأرض وإحاطتها بغلاف جوي، وطبيعة العواصف التي تهُبُّ على الخليج العربي والمناطق المحيطة به، ووصف الأرض والبحار، ومبادئ الأنهار والجبال، ومساحة الأرض، ووصف الزلازل التي حدثت سنة (334 هـ/ 945 م)، وتحدَّث عن كُرويَّة البحار، وأورد الشواهد على ذلك، ودرس ظاهرة المدِّ والجزر وعَلاقة القمر بذلك، وتحدَّث عن دورة الماء في الطبيعة وتراكم الأملاح في البحر ووصف البراكين الكبريتية في قمم بعض الجبال، كما أورد العلامات التي يُستدَلُّ بها على وجود الماء في باطن الأرض.

لقد تأثر المسعودي بأسماء سبقته من أعلام القرن الثالث الهجري، وهي شخصيات حازت شهرة واسعة في مجال التاريخ والجغرافية، والتوثيق من خلال السفر والترحال ومن بين أولئك الذين تأثر بهم؛ محمد بن جرير الطبري، أبو العباس أحمد بن إسحاق بن جعفر اليعقوبي، وابن قتيبة الدينوري، وأحمد بن يحيى بن جابر بن داود البلاذري.

على أن المسعودي أدرك تلك العيوب التي اعترت منهجية عمل بعض تلك الشخصيات السابقة، وهو الأمر الذي شخَّصه ابن خلدون فيما بعد بقرون، وذلك من خلال قول مؤسس علم الاجتماع:” وكثيرا ما وقع للمؤرخين والمفسرين وأئمة النقل المغالط (الأغلاط) في الحكايات والوقائع، لاعتمادهم على مجرد النقل، لم يعرضوها على أصولها، ولا قاسوها بأشباهها، ولا سبروها بمعيار الحكمة، والوقوف على طبائع الكائنات، وتحكيم النظر، والبصيرة في الأخبار، فضلُّوا عن الحق وتاهوا في بيداء الوهم والغلط”.

حظي أبو الحسين المسعودي بمكانةٍ وقيمة عظيمة في نفوس كل من عاصره من علماء، إضافةً إلى أنّه كان قد ذُكر في العديد من الكتب والمؤلفات التي كتبها من تبعه وعاصره من علماء وأساتذة، فقد ذكره العالم ابن النديم في كتابه الفهرست مادحاً إياه، قائلاً عنه:” لقد كان المسعودي واحداً من أهم العلماء الذين برعوا في العديد من المجالات، كما أنّه كان من أهالي المغرب؛ لما قدّمه من إسهاماتٍ وابتكارات كان لها دوراً كبيراً في النهوض بتلك المدينة

تمكّن أبو الحسين المسعودي من تقديم العديد من الإسهامات والإنجازات التي كان لها دوراً كبيراً وواضحاً في تقدّم وازدهار العلوم، كما أنّها ساهمت من تطوّر كل من علم الأرض والفلك والجغرافيا، ومن أهم تلك الإنجازات:

  • تمكّن أبو الحسين المسعودي من تقديم وصفاً توضيحياً شاملاً عن كل ما يتعلق بالزلازل وحركتها، كما أنّه وصف حركة البحر الميت وجريانه وطواحين الرياح.

  •  يُعدّ أبو الحسين المسعودي واحداً من العلماء الذين ساهموا بشكلٍ كبير في ابتكار نظرية التطور؛ حيث قدّم مجموعة من الكتابات المُتعلقة بالكائنات الحية وطبيعة حياتها.

  • قدّم أبو الحسين المسعودي في إحدى كتبه شرحاً وافياً عن نظرية الانحراف الوراثي في الحمضيات.

  • يُعدّ أبو الحسين المسعودي واحداً من أهم الرحالة الذين قدّموا مجموعة من البيانات والمعلومات التاريخية عن أهم وأشهر المناطق والدول التي زارها، كما أنّه ذكر كل ما يتعلق بشعوب وأفراد تلك الدول من مأكل ومشرب وعادات وتقاليد وغيرها الكثير من الصفات.

  • نجح أبو الحسين المسعودي في وصف الآثار الناتجة من البيئة والمناخ وبيان ضررها وخطورتها على الإنسان.
أما عن كتابه مروج الذهب الذي وثق فيه التاريخ وربطه بالجغرافيا ينقسم  إلى جزءٍ تاريخيّ وآخر جغرافيّ.
أمّا الجزء التاريخي فيُقسم إلى قسمين، يتضمّن القسم الأول بدء الخلق، وقصص الأنبياء، وتاريخ العصور القديمة من اليونان، والفرس، والرومان، والعرب القدامى، ودياناتهم، وعاداتهم، والتقويم والأشهر، والبعثة النبوية، والعصور العربية الإسلامية منذ عصر الرسول صلّى الله عليه وسلم إلى خلافة عثمان بن عفّان.
أمّا القسم الثاني فيتضمّن خلافة علي بن أبي طالب، والخلافة الأموية، والخلافة العباسية وصولاً إلى عهد الخليفة المطيع لله العباسيّ.
أمّا الجزء الجغرافيّ من الكتاب فتضمّن العديد من المعلومات الجغرافية؛ فقد تحدّث عن استدارة الأرض، والغلاف الجويّ الذي يُحيط بها، وكروية البحار، والعواصف التي تؤثر في الخليج العربيّ وما حوله من مناطق، ووصف الأنهار، والجبال، وبيّن مساحة الأرض، وتحدّث عن الزلازل التي حدثت عام 334هـ، كما وضّح ظاهرة المدّ والجزر وتأثير القمر بذلك، وبيّن دورة الماء في الطبيعة وتجمّع الأملاح في البحار، وتحدّث عن البراكين الكبريتية الموجودة أعلى بعض الجبال وغيرها.