كيف نتعامل مع الضغط النفسي والقلق الناتج عن أزمة كورونا وخاصة أن هناك سلالة جديدة تجتاح العالم وتصيب الأطفال؟

1 إجابات
profile/ميس-نبيل-طمليه
ميس نبيل طمليه
كاتبة في مجال تطوير الذات الذكاء العاطفي في عدة مواقع إلكترونية (٢٠٠٧-حالياً)
.
٠١ يناير ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
كلنا عانينا من تداعيات أزمة كورونا التي اجتاحت العالم، مما سبب لنا الضغط النفسي والتوتر ؛ فمنا من خسر شخص عزيز ومنا من خسر عمله ومنا من خسر أمواله، كما أننا عانينا من التوتر بسبب حظر التجوال والإغلاقات التي قيدت حركتنا وقللت من خروجاتنا، وكذلك عانينا من القلق على أنفسنا وعلى من نحب من هذا المرض. وهذا طبيعي جداً ما لم يزيد عن حده، ولكن هناك من الناس من يبالغ في التوتر والضغط النفسي ويعطي الأمور أكبر من حجمها الطبيعي... هنا يجب التعامل مع الموضوع.



لماذا يعاني البعض من التوتر الكبير أثناء جائحة كورونا؟

هذه هي المرة الأولى في حياتنا التي نعاني فيها من جائحة عالمية كبيرة بهذه الخطورة وهذا الانتشار، وهذا أمر جديد وصعب جداً علينا كما أنه ما زال غامضاً وليس لدينا المعلومات الكافية عنه، وأيضاً الكثير من الناس قد ابتعدوا عن نمط الحياة الصحي؛ فأصبحوا يكثرون من تناول الوجبات السريعة والأطعمة والمشروبات الضارة، ويكثرون من ساعات الجلوس دون حراك، ناهيك عن التلوث في الهواء والماء وكل ما حولنا، كل هذا أثر على مناعتنا ما زاد قلقنا على أنفسنا وعلى من حولنا من الإصابة بالمرض. إضافة إلى أن الإعلام قد هوّل كثيراً بالموضوع وركز على نشر الجوانب السلبية فقط من الأخبار وبشكل مبالغ فيه وهذا ما زاد رعب البعض، وخاصة عندما يسمعون بأعداد الإصابات والوفيات وخاصة وفيات صغار السن.
ناهيك أن البعض يعاني من التوتر بسبب خسارته لوظيفته أو مشروعه أو فقدانه لشخص عزيز، أو جراء الضغط النفسي الناتج عن التعليم عن بعد الذي جعل الطلاب بشعرون بالضياع كما أضاف حملاً ثقيلاً على الأهالي الذين عليهم متابعة أبناءهم دراسياً، وخاصة الأمهات اللاتي اضطر عدد كبير منهن لترك العمل ليتمكن من المكوث في المنزل مع الأبناء مع إغلاق المدارس والحضانات. 
كما أن حالات العنف الأسري قد زادت بسبب حظر التجوال وكثرة المشكلات الناتجة عن تداعيات الجائحة، فالحظر الشامل قد رفع حالات العنف الأسري في الأردن 33% حسب المجلس الأعلى للسكان. (1) 
ولا ننسَ أن حظر التجوال -سواء الجزئي أو الكامل- يؤثر سلبياً على النفسية، لأن الخروج وقضاء أوقات خارج المنزل يساعد على إراحة الأعصاب ويقلل من الضغط النفسي.


لماذا يجب التخفيف من توترنا؟

عزيزي السائل... إن التوتر والضغط النفسي الذي تعاني منه لن ينهي المشكلة، بل أنه سوف يجعل الوضع أكثر سوءاً مما ينعكس سلبياً على صحتك الجسدية فيضعف مناعتك ويجعلك أكثر عرضة للإصابة بالمرض، وكذلك سيؤثر على علاقاتك الاجتماعية وتقديرك لذاتك وإنجازاك في عملك... لذلك عليك أن تتعلم كيف تسيطر على توترك وتخفف منه، وخصوصاً أن الوضع الوبائي قد تحسن، وقد بدأت حدة الفيروس بالانحسار التديجي، وأن السلالة الجديدة هي أقل حدة بكثير من السلالات التي عانينا منها في البداية، كما أن إصابة الكثير من الناس بالفيروس قد أكسبهم المناعة ضد المرض ومنهم من سيأخذ اللقاح ومنهم من يتبع الإجراءات الوقائية بحذافيرها ومنهم من لا يصاب بيولوجياً بالفيروس... فهذا زاد مناعة القطيع في العالم، لذلك فلا داعي للخوف. 



نصائح للتعامل مع الموضوع (2)

بداية يجب أن تعرف أن هذه أزمة عالمية وتؤثر على جميع الناس في العالم وليس عليك وحدك، وأن هناك من الناس من يستطيع التعامل مع الأمر فيستفد من هذه التجربة ومنهم من لا يستطيع فعل ذلك وهو الخاسر الأكبر، فتعاطيك مع الجائحة يعتمد على خلفيتك الثقافية ووضعك الصحي والنفسي وذكائك العاطفي وعلى وضعك المالي وعلى الدعم الذي تتلقاه ممن حولك ومناعتهم... أنت تستطيع أن تقرر أي شخص تكون لأن الأمر يبدأ من عندك أنت، من اعتقاداتك وأفكارك، ففكر بإيجابية.

- قوِ مناعتك بشرب الكثير من الماء والأعشاب الساخنة والعصائر الطبيعية والحمضيات، والتعرض لأشعة الشمس وأخذ الفيتاميات الضرورية كالزينك وفيتامين سي ودي، ومارس التنمرينات الرياضية وتمرينات التنفس العميق، وعليك أيضاً الابتعاد عن كل ما يضعف المناعة كالتوتر وقلة النوم والإكثار من السكر. كذلك يجب اتباع كل الإجراءات الوقائية التي توصي بها منظمة الصحة العالمية كالنظافة والتعقيم واستخدام الكمامة الواقية بالشكل الصحيح والابتعاد عن التجمعات وعزل المصابين...

- ابتعد عن الأشخاص السلبيين شديدي التوتر بسبب الجائحة، وقف عن متابعة التقارير الصحفية التي توضح أعداد الوفيات والإصابات والأخبار السلبية المتعلقة بالجائحة أو غيرها، وخصوصاً على وسائل التواصل الاجتماعي.

- اقضِ على وقت الفراغ لتبتعد عن التفكير السلبي، فمارس هواياتك واعمل حتى لو بشكل تطوعي، كما عليك استغلال الوقت الطويل وخصوصاً في أيام حظر التجوال بتطوير نفسك بأخذ دورات على الإنترنت أو القراءة أو غيرها، كما أن عليك بتقوية علاقاتك الاجتماعية مع من تحب والمحافظة عليها ولو من خلال الحديث معهم من خلال التطبيقات المتاحة أو وسائل التواصل الاجتماعي.

- لا تصدق كل ما يقال: فقد يقص عليك زميلك في العمل قصة درامية حول تجربته مع الإصابة ويهول في الأمر، اعلم أن هناك العديد من الإشاعات تنتشر في حالات الكوارث والأوضاع الصعبة التي تشكل بيئة خصبة لها، فزِن الأمور بعقلك.

- حتى لو كنت مصاباً بأمراض معينة كارتفاع ضغط الدم أو أمراض القلب أو ضعف المناعة، ولو كنت كبيراً في السن أو كان أحد ممن حولك مريضاً أو مسناً فلا تبالغ في القلق، وانظر للجانب المشرق من الموضوع واقرأ عن قصص نجاة الكثير من هؤلاء عالمياً، واعلم أن الإيجابية والمعنوية العالية هي نصف العلاج.

- حاول أن تكتشف ما عندك لتعوض خسارتك... فإن كنت قد خسرت أموالك أو عملك، فابحث في نفسك وقد تجد أن لديك موهبة ما تستطيع أن تكسب منها بعض المال، فواكب التغيير واستغل التكنولوجيا، فأنا مثلاً تعلمت تصنيع المعقمات الطبيعية أثناء الجائحة وأنوي أن أبدأ بمشروعي الخاص الذي أكسب منه بعض الأموال الإضافية. أعلم أنني متأخرة كثيراً، لكنني على الأقل فكرت في الموضوع!

- استمع لتجارب الأشخاص الناجين من المرض، واستمع للمتفائلين الذين تغيرت حياتهم للأفضل بعد الجائحة فأصبحوا أكثر وعياً بصحتهم، وعرفوا أهمية العائلة والعلاقات الاجتماعية، ومعنى التفكير في الجماعة...


تجربة صديقتي مع الإصابة بفيروس كورونا

أصيبت صديقتي بفيروس كورونا قبل حوالي شهرين، وكنا نتواصل معاً بالصوت والصورة أكثر من مرة يومياً أثناء حجرها الصحي في غرفتها، ففور معرفتها بالإصابة حجرت نفسها في غرفتها الخاصة واتخذت كافة الإجراءات الوقائية لئلا يصاب أحد من أفراد أسرتها، وخصوصاً أن والداها كانا كبيران في السن، وكانت قلقة جداً عليهما لدرجة أنها كانت في بادئ الأمر لا تأكل ولا تشرب من شدة خوفها أن تنقل العدوى لأحد من حولها.
استمرت على هذا الوضع لمدة يومين تقريباً، ولكنها في اليوم الثالث بدأت تتابع وتبحث عن الأمور والأخبار الإيجابية حول المرض وكيفية الشفاء منه وكيفية تقوية مناعة من حولها وتعلمت تمرينات التنفس العميق وطريقة تفريغ الرئتين من السموم والبلغم وأخذت تتبع كل ما تعلمته، وترسله لأفراد أسرتها وتؤكد عليهم اتباعه. فتغيرت نفسيتها يوماً بعد يوم، وأكملت باقي أيام الحجر وهي تحضر الدورات التعليمية عبر منصات التعليم الإلكتروني، وطورت نفسها وبدأت بعمل صفحة لمشروعها الخاص، كما كانت ترسل رسائل الدعم النفسي لكثير من الناس الذين كانوا يشتكون من الإصابة بالمرض عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتخبرهم عن تجربتها وتعلمهم طرق الوقاية لحماية باقي أفراد الأسرة والخلطات الصحية وطرق التنفس السليم ما كان يخفف عنهم همهم ويشعرها بالسعادة في العطاء.
وعندما خرجت من حجرها فاجأت أفراد أسرتها بكمية الدروس التي تعلمتها على الصعيد الشخصي والعملي، كما غيرت من نمط حياتها ونمط حياة أفراد أسرتها، وقالت لي عندما سألتها عن تجربتها مع المرض وعما تعلمته من هذه التجربة أنها تعلمت أن أهمية الحفاظ على الصحة وتأثير الحالة النفسية على حياتنا وكذلك أهمية قتل وقت الفراغ والتفكير في غيرها وأهمية العلاقات الأسرية؛ فقالت أنها كانت تطلب من والدتها أن تحضر معها مسلسل "عروس بيروت" الذي يبث حالياً على إحدى الفضائيات عبر تطبيقات الاتصال بالصوت والصورة فقط لترى وجه أمها وتسمع صوتها ولتستطيع استراق ساعة للجلوس فيها مع أفراد أسرتها والاستماع لأحاديثهم الجانبية أثناء حضورهم للمسلسل ولتطئمن أمها بأنها بخير وتمارس حياتها بشكل طبيعي من داخل حجرها الصحي.





 (1) العزل التام رفع العنف الأسري في الأردن 33% ودعوات لمستقبل دون عنف
(2) 

Coping with Stress



  • مستخدم مجهول
  • مستخدم مجهول
قام 6 شخص بتأييد الإجابة