كيف تفسر ظاهرة الديجا فو ؟

1 إجابات
profile/بيان-احمد-2
بيان احمد
ماجستير في الفيزياء (٢٠١٨-حالياً)
.
٢١ ديسمبر ٢٠٢٠
قبل ٤ سنوات
هل سبقَ و أن مررتَ بموقفٍ شعرتَ فيه أنكَ مررتَ بهِ بكافة تفاصيلهِ من قبل ؟ تعدّ ظاهرة الديجا فو Deja Vu أحد أهم الظواهر التي يصعب تحديدها و دراستها بسبب حصولها و اختفائها السريع و الفجائي، تشير الدراسات إلى أن ظاهرة الديجا فو تحدث مع نسبة لا تقل عن 30% من البشر، ناهيك عن أن 70% ممن يختبرون ظاهرة الديجا فو، فهم يختبرونها بشكل متكرر بين وقتٍ و آخر. تصل هذه الظاهرة ذروة تكرارها و تأثيرها على الأشخاص الواقعة أعمارهم بين 15 و 25 سنة، و تقل تدريجياً بعد ذلك، فما هي الديجا فو و ما هو تفسيرها العلميّ ؟

تناولت الكثير من الأبحاث دراسة هذه الظاهرة على الرغم من صعوبة رصدها، و تبعتها العديد من النظريات التي حاولت تفسير الموضوع.
كانت إحدى هذه النظريات نظرية Dual processing theory و التي تنص على أن تفسير هذه الظاهرة يرجع إلى جزء Medial Temporal Lope أو الفَص الصدغي-الانسي الموجود في الدماغ، هذا الفص من الدماغ يكون مسؤولاً عن الذاكرة بشكل مجمل و يحمل بداخله ما يسمّى Hippocampus المسؤول تحديداً عن الذاكرة طويلة الأمد و التعرف على الأنماط المألوفة قبلاً لدى الدماغ.
عندما تواجه كإنسان أيّ حدث جديد، و كدماغ بشري يحاول تحليل الأمور بالسرعة القصوى، فإذن بيانات و مدخلات هذا الحدث يمر عبر الذاكرة قصيرة الأمد أولاً ثم يسجّل بعدها في الذاكرة طويلة الأمد. يعتقد العلماء أن ما يحدث خلال الديجا فو يكون نتيجة عدم تزامن و تسلسل صحيح للأحداث، أي عند حدوث أمر ما يمر أحياناً عبر الذاكرة طويلة الأمد أولاً قبل مروره بالذاكرة قصيرة الأمد، أي أنه يتم تسجيلها على أنها ذكرى قديمة قبيل أجزاء من الثانية من تسجيلها على أنها ذكرى جديدة.
عدم التزامن هذا يتسبب بخداع الدماغ على أن هذه الذكرى قديمة مع أنها قد لا تكون حصلت معك أو مررت بها قبلاً.
لقد لاقت هذه الظاهرة اهتماماً كبيراً من العلماء في أبحاثهم لان تكرارها سائد عند فئة كبيرة من البشر، و لأن مصابي -الصرع Epilepsy- تحديداً المصابون بالصرع في منطقة Hippocampus يمرون بها أكثر من غيرهم، خاصةً قبل حدوث نوبة الصرع، و يسمى هذا النوع تحديداً من الديجا فو Biological deja vu، و بسبب تكرر حدوث الديجا فو مع المصابين بصرع Hippocampus يرجّح العلماء صلة هذا التأثير - الديجا فو - مع منطقة Hippocampus

نظرية أخرى تناولت تفسيراً مختلفاً من منظور آخر، حيث أقامت مزاعم هذا التفسير أعمدتها بناءاً على الفئة العمرية التي يتكرر حصول التأثير معها، فبما أن الديجا فو يكثر حدوثه مع من تقل أعمارهم عن 25 سنة، فربطوا بينها و بين إفراز هرمون الدوبامين Dopamine الذي يكون في أوجه في هذه السنين. حصل هذا الربط خاصةً بعد إحدى أغرب الحوادث التي حصلت مع طبيب عمره أربعون سنة، بعد ما أصيب هذا الطبيب بمرض معين أجبره على دواء يتسبب بزيادة إفراز هرمون الدوبامين كأحد الأعراض، و بمجردأن تناول الدواء و عندما أصبح مفعول هذا الدواء في ذروته، لاحظ أن حالة الديجا فو قد ازدادت معه بشكل ملحوظ، و عندما أوقف الدواء، توقف حصولها. الرابط ملحوظ ولكن الآلية مجهولة لغاية الآن.

و في محاولة ثالثة لتفسير الديجا فو، على أنها قد تكون مجرد محاولة من الدماغ للتعرف على الانماط المألوفة، و أحد أشكال محاولة التعرف على الأنماط هي رؤية الوجوه و الأنماط المختلفة في "الجمادات"، هذه الظاهرة تسمّى pareidolia ، و هو مصطلح يونانيّ يعني الصور البديلة. يحصل أحياناً لك أن ترى صوراً و وجوهاً و أنماطاً في أماكن لا تنتمي لها. وجدت الدراسات أن الأشخاص الذين يؤمنون بالأديان و الماورائيات، لديهم قدرة أكبر على أن يصنعوا نمطاً مألوفاً من الفوضى، كأن يروا وجوهاً و كلماتاً و أنماطاً معينة على أشياء لا علاقة لها بالشيء المرئيّ.
تعتبر pareidolia أحد أنواع Apophenia أو الاستسقاط، و الذي يعني القدرة على نسج أنماط معيّنة من أشياء غير مرتبطة. تكثر هذه الحالة عند المرضى النفسيين المصابين بأوهام معينة مثل أن شخصاً ما يراقبهم أو يلاحقهم.

طرح الفيزيائيّ Carl Sagan أحد النظريات التي حاولت تفسير موضوع pareidolia في كتابه The Demon-Haunted world أو عالم تسكنه الشياطين ، نبّه فيه سيجان إلى أهمية التعرف على الأنماط من أجل البقاء.

  • مستخدم مجهول
  • مستخدم مجهول
قام 3 شخص بتأييد الإجابة