يمكن أن تجدي السعادة عبر الدين إذا فهمت ما هي السعادة الحقيقية ، وأنها ليست في مال او دنيا أو منصب أو جاه أو شيء مادي ، إذ لو كانت في ذلك لما وجدنا كثيرا من أصحاب الجاه والمال والشهرة ينتحرون أو تعيسون او مضطربون وغير مستقرون يهربون من واقعهم بالمخدرات أو الخمر أو الحبوب النفسية أو غيرها ، فهذا واقع مشاهد ، وذلك لأنهم سعوا إلى إشباع حاجات الجسد وشهواته ونسوا حاجة الروح وغذاءها .
ذلك أن السعادة الحقيقية هي في استقرار روح الإنسان ونفسه وشعوره بالرضا الداخلي ، فمن وصل هذا الشعور شعر في حياته بالسعادة والراحة والطمانينة ، وهذا الاستقرار لن يبلغه الإنسان بكماله إلا في ظل وصول روحه إلى مرحلة تناسق مع الكون العابد لله المسبح له ، وخضوعها لخالقها وعبوديتها له و أنسها به ومعه .
ذلك أن العبادة ليست تكليفا ومشقة بل هي في روحها كمال الحب مع كمال الخضوع ، فمتى عبدت الله بقلبك حقا وجدت فيه حبا وأنسا وروحا وراحة وطمانينة لأنك عبدت خالق هذه الروح ومالكها الذي يستحق العبادة حقا وحده ، فملأت الروح محبة وأشبعتها في فطرة العبودية التي فطرت عليها ، وأورثتها استقرارا وسعادة .
ومن هنا كان نبينا إذا حزبه أمر يعني أمر فزع إلى الصلاة ليبث همه إلى ربه ، وكان يقول " أرحنا بها يا بلال " يعني بالصلاة ، ولم يقل أرحنا منها يا بلال ، لإن الصلاة والعبودية كانت راحته ولم تكن ثقلا عليه .
وكان يقول عليه الصلاة والسلام " حبب إلي من دنياكم النساء والطيب ، وجعل قرة عيني الصلاة " .
فهو كان بشرا عليه الصلاة والسلام يتناول من شهوات الدنيا ما تحتاجه نفسه كالنساء والطيب ولكنها لم تكن قرة عين له ، بل كانت قرة عينه وراحة نفسه في الصلاة ، لأن الصلاة هي مظهر العبودية الأعظم للرب سبحانه خاصة في السجود بين يدي الله.
كان السلف يقولون " من مثلك يا ابن آدم خلي بينك وبين المحراب خمس مرات في اليوم تدخل على الرب فيها متى تشاء "
ويمكن إيجاد السعادة في الدين والتدين والعبودية لله عبر ما يلي :
1. عبادتك لله بقلبك باطنا قبل عبادتك له ظاهرا ، وذلك بأن تفهم معنى العبادة وأذكارها وتقرؤها بقلبك لا بلسانك فقط وهذا يشبع روحك .
2. أن تؤمن بالله إيمانا تشعر فيه أنك تلجأ إلى ركن ركين وخالق عظيم صاحب الملك والسلطان الحقيقي له وحده ، " قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير غنك على كل شيء قدير ، تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب ".
3. الرضا بقدر الله والثقة به ، " عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير إن أصابته سراء فشكر كان خيرا له وإن أصابته ضراء فصبر كان خيرا له " .
4. إيمانك بالله ومعرفتك أن وراء هذه الحياة حياة هي الباقية وسعيك للفوز فيها ، يخلصك من الحيرة والتيه الذي وقع فيه الكثير لما اخطأؤوا في ذلك .
نسأل الله الهداية والتوفيق