كيف أتحرر كأم من مشاعر القلق التي ترافقني دائماً تجاه طفلي الذي يعاني من إعاقة؟

2 إجابات
profile/ميس-نبيل-طمليه
ميس نبيل طمليه
كاتبة في مجال تطوير الذات الذكاء العاطفي في عدة مواقع إلكترونية (٢٠٠٧-حالياً)
.
٠١ يناير ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
أجيب على سؤالك هذا عزيزتي الأم وأنا في غرفة الانتظار في أحد المراكز الخاصة بالأطفال ذوي الإعاقة، فأنا أرافق ابن أختي عمر الذي يعاني من ضمور في الدماغ يومياً إلى هذا المركز. لا أخفيكِ بأنني لا أستطيع الذهاب إلى المنزل لحين يأتي موعد مغادرته لأصطحبه؛ فقلقي عليه وفرحتي به وهو يأخذ جلساته ويجلس مع زملائه في الصف يمنعاني من مغادرة المكان أو تركه لحظة واحدة، فأجلس في غرفة الانتظار حيث أنا الآن وأراقبه من خلال الآيباد، وأسترق بعض الوقت لأكمل فيها عملي هنا. 

أتفهم مشاعركِ كأم لأنني أعتبر نفسي أماً لعمر أيضاً لقربه من قلبي ولتحملي مسؤولية رعايته مع والديه منذ اللحظة التي علمنا فيها أنه يعاني من إعاقة، وأنا الآن أتحمل مسؤوليته بالكامل لأن أسرته تقيم في دبي، وهو هنا في عمان لحين تحسنه إن شاء الله.

قصصت عليكِ قصتنا مع عمر لتطمئني أنكِ لستِ وحدكِ من يتألم، فكل أسرة يعاني فرد من أفرادها من المرض أو الإعاقة هي ليست ككل أسرة؛ فحياتنا مختلفة عن الباقين وعلينا تحمل الكثير الكثير ولا وقت لدينا للراحة ولا حتى لأمور أخرى قد تكون مهمة في الحياة، فأنا قررت أن أترك عملي كمسؤولة برامج في إحدى الإذاعات الأردنية واستلام عمل آخر من المنزل لأتفرغ له.

بداية كنت أعتقد أنني الخالة الوحيدة التي تحب ابن أختها لهذا الحد وتضحي لأجله، ولكنني تعرفت في غرفة الانتظار هنا على خالة أخرى أخذت على عاتقها تحمل مسؤولية ابن أختها ذو الخمس سنوات والذي يعاني من توحد منذ سنتين وهو يقيم معها في عمان وأهله في السعودية. وهناك أم لطفل آخر تركت أبو ظبي وأتت هي وابنها الذي يعاني من إعاقة هنا إلى عمان أيضاً بينما يعمل زوجها في أبو ظبي، وهي تأتي يومياً إلى المركز لتوصيل ابنها وتجلس طوال اليوم معه لحضور جلساته من خلال الآيباد، وقبل فترة كان ابنها الآخر يأتي معها حاملاً معه اللابتوب لأخذ حصصه الدراسية أون لاين، فهو ملتحق بمدرسة في أبو ظبي كذلك، وكنت أرى الأم تحضر جلساته ابنها تارة وتتابع دروس ابنها الثاني تارة أخرى.

ما كنت أراه وأسمعه في غرفة الانتظار شجعني كثيراً على استكمال رحتي مع عر بكل حماس وحب، وعلمت أننا لسنا وحدنا من يعاني، وعلمت كذلك عظمة الرسالة التي تحملها كل أسرة فيها فرد يعاني من إعاقة أو مرض ما. فأنصحك أولاً عزيزتي الأم العظيمة أن تقدري نفسكِ أولاً وأن تتقبلي هذا الوضع فأنتِ مميزة ولولا ذلك لما اختاركِ الله لتحمل مسؤولية هذا الطفل لأن الله لا يكلف أحداً أكثر من طاقته، فأطلقي هذه الطاقة وانطلقي في رحلتكِ. وستساعدكِ مجموعات الدعم التي تتكون من أشخاص يعيشون نفس تجربتكِ كثيراً، لذلك حاولي أن تتعرفي على أولئك الأشخاص المميزين لتستمدي منهم القوة ولتمنحيها لهم كذلك، ولتقتنعي أن ما تمرين به طبيعي وأنك لستِ وحدك.

أعلم أن الشعور بالذنب هو شعور يرافق الأمهات والأشخاص الذين يملكون ضمائر حية، فخخفي عن نفسكِ لأن لا ذنب لكِ في حالة طفلكِ، فقد كتب الله له أن يعاني من الإعاقة، ولكنه كتب له أيضاً أن يكون ابن لأم عظيمة تستطيع رعايته وحمايته وتأهيله، فلا تقلقي واعملي ما بوسعكِ لأجله. بالنسبة لي فقط قرأت الكثير الكثير من الكتب والمقالات وحضرت عدداً من المحاضرات وحصلت على دورة ABA تعديل السلوك الإنساني، كما تعرفت على ما يجب علي أن أطعمه وما يجب علي منعي عنه، كما أنني أرافقه للمركز كما ذكرت في البداية وأحضر جلساته وأطبق ما ينصحني به الاختصاصيين في المنزل كتعيم للمهارات التي يكتسبها هناك. 

بالنسبة للنظام الغذائي الذي أتبعه مع عمر فأركز فيه على تناول الكثير من الخضراوات والفواكه والمكسرات والماء يومياً، فأسقيه كأساً من الماء فور استيقاظه من النوم من ثم حبة تمر واحدة، وأحضر له في lunchbox إفطاره الصحي، وأحاول الابتعاد قدر الإمكان عن السكر ومنتجات الألبان لأنها لا تناسب وضعه الصحي، وطبعاً يختلف الوضع الصحي من حالة إلى أخرى، وأحاول كذلك التقليل من الشوكولاته والتشيبس والعصائر المصنعة، وأستخدم بدلاً منها العصائر الطبيعية والحلويات التي أصنعها أنا بيدي والتي تحتوي بشكل أساسي على الشوفان والمكسرات وزبدة الفول السوداني والشوكولاته السوداء ودبس التمر والعسل. وعندما يعود من المركز أعطيه كأساً من عصير البرتقال المضاف إليه العكبر وأحياناً قطعة فاكهة قبل الغداء، وهذا ما يوصي به خبراء التغذية، وأحياناً ينام لنصف ساعة ومن ثم يتناول الغداء الصحي، ومن ثم قطعة حلوى، وبعدها العشاء الخفيف قبل النوم بحوالي ساعتين... وقد تعرفت على المعلومات الغذاية المناسبة له من خلال اطلاعي على المصادر المتخصصة في ذلك، وها أنا أحاول الالتزام بها قدر الإمكان، إلا أن عمر أحياناً لا يطاوعني. حاولي فعل ذلك أنتِ أيضاً لأن الحمية الغذائية مهمة جداً؛ فهي تقوي جسده ومناعته وتخفف من عصبيته ومن سلوكياته السلبية، واستمري في تجريب الوصفات الصحية لحين الحصول على وصفة يعجبه طعمها، ولا بأس من إدخال القليل من الشوكولاته السوداء فيها إن كان يحبها. 

عليكِ كذلك أن تخبري من حولك من أصدقاء وأهل وجيران بالوضع الخاص لطفلك لئلا يحرجوكِ بمشاوير وخروجات قد لا تناسبكما؛ فرحلة إلى البتراء مثلاً والمشي لمسافات طويلة على القديمن قد تكون صعبة للغاية عليكِ مع طفلكِ إن كان لا يستطيع المشي، كما قد تترك حسرة في قلبكِ إن ذهبتِ ولم تأخذيه معكِ وهذا سيزيد من توترك بدلاً من أن يريحكِ. 

طبعاً الخروج من المنزل والرحلات مهم جداً لصحتك ونفسيتك ولصحة ونفسية طفلك كذلك، فعليكِ الإكثار منها، ولكن اختاري ما يناسب وضعك، وأكثري من الرحلات والمشاوير في الهواء الطلق، فخذيه إلى الحدائق، وعوديه المشي لوقت محدد 3 مرات أسبوعياً على الأقل، حتى لو بالكرسي المتحرك أو على walkker، وخذيه معكِ لزيارة الأهل والأصدقاء والجيران ودعيه يصقل مهاراته الاجتماعية، وإن كانت لديه بعض السلوكيات التي قد تسبب لك الإحراج أثناء الزيارات، فلتكن زياراتك سريعة وخاطفة، وعند الأشخاص الذين يتقبلون هذه السلوكيات، لكن إياكِ أن تحرميه من الخروج لأن هناك من لا يتقبله أو يسيء إليه... لا أنكر أن هناك مواقف مؤلمة نتعرض لها أحياناً من قبل البعض، لكن هذه فئة قليلة والأمر قد بدأ يتحسن ووعي المجتمع تجاه الأشخاص ذوي الإعاقة في تطور مستمر.

افرحي أنتِ به وتقبليه وابتسمي له طوال الوقت وكوني إيجابية ومتفائلة، تذكري كم تغيرت شخصيتك بسببه، ولا تتكلمي عن وضعه وعن الصعوبات التي تمرين بها أو عن خوفك عليه أمامه أو على مسمعه، فحتى لو كان يعاني من إعاقة عقلية شديدة جداً تأكدي أنه يفهم ما يدور حوله ويحس بالطاقة الإيجابية أو السلبية وهذا طبعاً يؤثر عليه كثيراً، كوني قوية ومتفائلة لأنه يستمد قوته منكِ... اهتمي بنفسك من حيث التغذية السليمة والصحة النفسية وكذلك لا تبخلي على الناحية الجمالية لديكِ واهتمي بعملك، فكوني دائماً قوية وناجحة وجميلة لينعكس ذلك عليه. أنا أمارس رياضتي المفضلة "لعبة العجلة أو الهيلاهوب" مهما كان وقتي ضيقاً، فأحياناً أشغل أغنية baby shark وألعب الهيلاهوب على ألحانها وعمر يصفق ويضحك... فأكون بهذا قد مارست الرياضة وأفرحته في نفس الوقت.

من الأمور التي تشغل بال الكثير من أسر الأفراد ذوي الإعاقة هي الخوف على مستقبل هذا الطفل، والخوف عليه من المجتمع، ومن أن يتخلى عنه إخوانه من بعد والديه... هذا أمر طبيعي فالأم تخاف على أبنائها جميعاً فكيف لا تخاف على ابنها الضعيف!
اهتمي بنفسك لتستطيعي أن تكوني بجانبه وبصحتك وعافيتك أطول وقت ممكن، وعلمي اخوانه أن يهتموا به ويحبوه ويتقبلوه ويتحملوا مسؤوليته منذ الصغر ليشبوا على ذلك، وقولي لهم كم هو يحبهم، أحياناً أحضر بعض الهدايا والألعاب لإخوة عمر الصغار وأقول لهم أن عمر هو من أحضرها لأعزز علاقتههم به. 
والأهم من ذلك هو أن تستثمري في وقتك الحالي لتعلميه كيف يهتم هو بنفسه قدر استطاعته، وضعي في بالك بأن الله لن يتخلى عنه وسيحميه دائماً. كيف لا وهو مصدر القوة والسعادة والطاقة الإيجابية لكِ! 

لا تنسي أن تتبعي الطرق المعروفة للتخلص من التوتر والضغط النفسي كالتأمل وممارسة الرياضة والروحانيات. 

كنت دائماً أخبر صديقاتي أنني أستشعر البَرَكَة في كل شيء عندما يكون عمر معي، وكأن الله يكافئني ويحميني لأجله... وأنتِ أيضاً أيتها الأم استشعري هذه البركة وابحثي عنها حولك، وستجدين أنها موجودة حولك وكأن ملاكاً يعيش معكِ في المنزل.








  • مستخدم مجهول
قام 1 شخص بتأييد الإجابة
مستخدم مجهول
مستخدم مجهول
٠١ يناير ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
طبيعة الام تكمن بالحب و القلق على طفلها، في حالة الطفل ذي الاحتياجات الخاصة ف الحب يزيد، و القلق ايضًا و الخوف و ذلك لدرايتك بان العالم قاسي على العالم اجمع و ان طفلك ليس مهيأ لهذا العالم الخارجي..
لا يمكنك التخلص من القلق و لكن يمكنك التخفيف منه اولاً بالدعاء له دائمًا بالحماية و ضعيه امانه يوميًا بيد الخالق ف ما من احد احرص على اماناته من رب العالمين 

ثانيًا قوي طفلك، حدثيه كثيرًا حتى لو احسستي بانه ليس معك تأكدي بانه يسمع ولكن لا يعرف كيف يعبر لك، حدثيه عن المخاطر و كيف عليه ان يركض اليكِ عند شعوره بالخطر لكن احرصي على عدم اخافته 

ثالثًا اطمئني حين يكون تحت ناظريك و ان حدث حادث بسيط ما لا تؤنب نفسك كثيرًا ف لا يوجد طفل لم يقع او لم يمر بحادث بسيط ما، انت رائعة و تذلين ما بوسعك و تعلمين هذا جيدًا ف كوني فخورة بذلك و لا تقلقي ف هؤلاء ملائكة على الارض و لك الاجر بكل شيء تقدميه مهما كان صغيرًا