كأمرأة لم تجنب أطفالاً، أشعر أحياناً بأنه يتم التعامل معي بطريقة مختلفة ولا أعامل بثقة بطريقة ما من قبل الأمهات، هل هذا الأمر صحيح هل تجربة الأمومة تخلق الحواجز بين أوساط النساء؟

1 إجابات
profile/ميس-نبيل-طمليه
ميس نبيل طمليه
كاتبة في مجال تطوير الذات الذكاء العاطفي في عدة مواقع إلكترونية (٢٠٠٧-حالياً)
.
٢٤ ديسمبر ٢٠٢٠
قبل ٤ سنوات
يعتبر كثير من الناس أن أنوثة المرأة لا تكتمل إلا عندما تتزوج وتنجب أطفالاً، ويصرون على أن ينظروا إليها بأنها منتقصة الأنوثة إن بقيت عزباء  أو إن تزوجت ولكنها لم تنجب أطفالاً، بل أنهم أحياناً يربطون وصول المرأة لسن معينة بأنها بالتأكيد متزوجة ولديها أطفال؛ فتراهم ينادونها "مدام" أو يسألونها "أم شو حضرتك؟"!

وتكثر هذه النظرة في مجتمعات النساء، وقد تعرضت لهذا كثيراً جداً. ولا أنكر أنني كنت أستغرب هذا في البداية وأتحسس من الموضوع، ولكنني تعودت فيما بعد وتفهمت الأمر فلم أعد كذلك.

من وجهة نظري...

- المرأة اليوم هي امرأة عاملة ولها مساهمات عدة في كافة مجالات الحياة:
فقد وصلت المرأة لمناصب مرموقة على جميع الأصعدة الاقتصادية والحياتية والسياسية وغيرهم، وأصبحت الآن لديها ما يشغل وقتها وتفكيرها حتى لو لم تنجب أطفالاً.

-المرأة هي أم منذ ولادتها: فالأمومة هي غريزة متأصلة في الفتاة زرعها الله فيها بالفطرة، وهي لا تحتاج برأيي لأن تكون أماً بيولوجية لكي تتذوق إحساس الأمومة؛ فتجدها تحن على والديها أكثر من الصبي منذ صغرها، وتهتم بشؤون أفراد أسرتها، ولديها الحاسة السادسة. فابحث في حياة كل امرأة لم تنجب أطفالاً وستجدها حتماً أماً لكل من حولها، وقد يكون هناك طفل ما في حياتها تكون هي بمثابة الأم بالنسبة له، وقد تكون في كثير من الأحيان أحن من أمه البيولوجية عليه؛ فالأم هي من ترعى وتربي وتهتم وتحب بكل جوارحها، وليست فقط من ينجب، أي أن هناك فرق كبير جداً بين الأم والوالدة، وقد تكون المرأة هي والدة وأم في نفس الوقت، ولكنها أيضاً قد تكون أماً وليست والدة.

فعني أنا شخصياً... فأنا وكل من حولي نعتبر أنني أماً ثانية لابن أختي الذي يعاني من ضمور في الدماغ، فأنا لا أنكر بأن وجوده في حياتي غيرها للأجمل والأنقى، وأن وجودي في حياته ساهم كثيراً في تحسن حالته.




- هناك أمور كثيرة سببت هذه النظرة للمرأة التي لم تنجب أطفالاً أهمهم:

* أسلوب التربية:
فأغلبنا يربي الفتاة منذ صغرها ويغرس فيها بأن الزواج والإنجاب هما مرحلتين مهمتين في دورة حياتها، ويفترضن ضمنياً بأن عليها أن تلعب بالدمى وتمثل أنها أمهم. كما قد يلجأ بعض الأهل أحياناًُ إلى لوم المرأة إن لم تتزوج وإطلاق تسميات عنصرية وظالمة عليها، وإن تزوجت ولم تنجب ترى والدتها أحياناً توبخها وتخوفها بأن زوجها قد يتزوج امرأة ثانية... أنا طبعاً أتفهم مشاعر القلق عند الأهل - وخاصة الأمهات- وأنهم يخافون على ابنتهم من أن تبقى وحيدة بعدهم، ولكن عليهم أن يعلموا أن هناك في المقابل نماذج كثيرة لوالدات فقدن أبناءهم وبقين وحيدات أيضاً، وأن هناك أخريات تركهن أبناؤهن فبقين وحيدات أيضاً، وفي المقابل هناك نساء قد رزقهن الله بأبناء أوفياء لم يتركوهن للحظة على الرغم أنهن لسن أمهاتهم الحقيقيات.

* طبيعة المجتمع ونظرتهم للفتاة: فتختلف هذه النظرة بحسب المجتمعات، ولكنها -للأسف- موجودة بكثرة في بلانا العربية، وكذلك في المجتمعات البسيطة.

* اعتقادات خاطئة من المرأة نفسها: فعندما تعتقد المرأة بأن عدم إنجابها للأطفال ينتقص من قيمتها الذاتية ويؤثر سلباً على نظرة الناس لها فإنها تعكس لهم ذلك، فتجذب إلى حياتها هذا النوع من الناس، لأن كثير من الأمور التي تحدث معنا هي نتاج اعتقاداتنا وتفكيرنا. وقد يحدث أحياناً أيضاً بأن المرأة تتوهم بأن المجتمع ومن حولها ينتقص منها لهذا السبب، ولكن الواقع أن هذا غير صحيح وما هو إلا أوهاماً موجودة داخلها هي فقط.


رسالتي للأشخاص - وخاصة النساء- الذين يعتقدون أن عدم إنجاب المرأة للأطفال هو انتقاص من أنوثتها أن يتوقفوا عن الحكم على الآخرين، وأن يعرفوا بأن نظرتهم هذه قد تؤثر على المرأة - إن استسلمت هي للأمر- لتجعلها تعاني من الوحدة والكآبة والانسحاب الاجتماعي، كما قد يصل الأمر في البعض لأمور أكثر خطراً ككره الأطفال أو إيذائهم، وإن كانت متزوجة ولم تنجب أطفالاً قد يؤدي بها الأمر لاستنزاف طاقتها ومالها في البحث عن سبل للحمل بطفل، ودخولها في مرحلة من اكتئاب في كل مرة لم تنجح فيها محاولاتها.

أتمنى أن يعرف الجميع -وخاصة النساء- أن المرأة غير المتزوجة هي ليست مرفوضة من قبل الرجال وليست أقل من غيرها من المتزوجات واللاتي قد أنجبن أطفالاً، فقد تكون هي من اختار هذا لسبب ما لا أحد يعلمه، وحتى لو لم تكن هي من لا يريد الإنجاب فلله حكمة من كل شيء. لذلك فلنتوقف عن تجريح بعضنا وعن إصدار الأحكام على الناس.








  • مستخدم مجهول
  • مستخدم مجهول
قام 3 شخص بتأييد الإجابة