من خلال تجربتي التي امتلأت بالعديد من الأخطاء في اختيار التخصص، ثم عمل نقلة نوعية به ثم نقلة أخرى، أكاد أقول لك انفد بجلدك. لكن، بنفس الوقت قد أقول لك اثبت مكانك وتأمل بوضعك الراهن. دعني الآن استعرض معك رحلتي.
بدأت الرحلة في محاولة مهولة مني بالالتحاق بكلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية، لكن الوالد رحمه الله اعترض على هذا الاختيار، حيث لا يتناسب مع التحاقي بالقسم العلمي، وكان برأيه أن اللغة الإنجليزية يمكن تطويرها بالدورات واكتسابها بالممارسة؛ وحتى هذا لم يحصل، وسأخبرك فيما بعد السبب. لذلك رضخت للأمر الواقع والتحقت بقسم الكيمياء التطبيقية بجامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية. لم تكن الكيمياء حلمي يومًا ما، وكانت من المواد التي تم حذفها عند حساب معدل الثانوية العامة؛ بالرغم على حصولي علامة 88/100. لكن لم يكن التخصص سيئ إلى هذا الحد، فبالرغم من بعض الصعاب التي مرت بي، إلا أنني عشقت المختبر وكل مادة مخبرية تعلمتها، حيث شاهدت سحب الغاز، والتغيرات اللونية المدهشة والمثيرة للإعجاب، مع الألوان الفريدة وخاصة الفينوفثالين وبيرمنجنات البوتاسيوم، وتفاعلات الترسيب العجيبة التي تكون بأشكال مذهلة وخاصة التي تصنع حدائق كيميائية. كما استمتعت بمادة الصناعات الكيميائية التي أنتجنا بها المعقم، وصبغة الأحذية، ومنظف الأواني، ومنظف الملابس. والكيمياء الطبية، التي فحصنا بها العديد من الأدوية والتأكد من نسبها المئوية عند تحليلها. كما كان جل استعمالي في مشروع التخرج البحثي عن المواد الغروية واللاصقة، زكان استخدام أجهزة التحليل المختلفة هو عالم آخر.
فيما عدا ذلك، لم أجد الكثير من المتعة في الكيمياء النظرية، ومنها مواد الكيمياء الفيزيائية ذات المساقات الثلاث، وحتى الكيمياء العضوية التي كرهتها بسبب الدكتور الذي كان يدرسها، كما كانت دراسة الكيمياء التحليلية الحاسوبية بالغة الصعوبة، بسبب طبيعة برمجية الفورتران التي كانت تستخدم، والتي جعلتني أكره مواد الحاسوب مؤقتًا. في النهاية تخرجت من الجامعة بتقدير جيد، مع طفل أحمله على يدي 😊
وعندما أردت أن أعمل في مجالي اعترض زوجي😭. واضطررت مجبرة على اتخاذ التدريس مسارًا وظيفيًّا لا أرغبه، مع الاعتقاد من قبل الجميع أن ساعات العمل قليلة، وتسمح برعاية الأطفال بكل سهولة، لكن الواقع كان عكس ذلك تمامًا. فالمعلم هو الشخص الوحيد على ما يبدو الذي يحمل عمله إلى بيته، ويعمل طوال وقته طمعًا في مرضاة الله. وواجهت العديد من الصعاب، وخاصة بسبب عملي في القطاع الخاص، لكن لا مجال لشرح هذه الصعاب الآن.
بعد حوالي 21 سنة في قطاع المدارس الخاص، قررت أن أعمل بعض التغيير النسبي في وظيفتي لمدرسة معلمين ومدربة، صحيح لم أبتعد عن سلك التدريس كثيرًا، لكن انتقلت من تعليم الصغار لتعليم وتدريب الكبار، وكان وقتًا رائعًا حيث يستمتع المرء بالتحدث مع من يجاريه. بعد سنتين، ومن ثم الجائحة لم يكن هناك بُد من إنهاء لعقود لدى الأغلب من الموظفين، والتحقت بهذا الركاب. لكن بعد 23 عاماً من العمل، لم أستطع الجلوس في المنزل أتأمل في حالي، فقررت استكمال العمل في التدريب حتى لو بالمجان، والتطوع مع بعض المؤسسات والمنظمات الخيرية، بالإضافة للعمل ككاتبة محتوى تعليمي وإبداعي للعديد من المنصات حتى هذا الوقت.
والآن بالعودة لك، وبعد أن أوجعت رأسك بمسيرتي التي أخذت بعض المنعطفات، لكن الوقت فات على التغيير الآن. أما أنت فأعتقد أن بيدك الكثير من التغيير، ولك الخيار في أن تحارب مثلي للبقاء؛ لكن هذا يعتمد على الإمكانات الوظيفية والراتب الذي يمكن مستقبلًا أن تحصل عليه. أو أن تقف وتقول: قف! يكفي هذا. وتبدأ بشيء تحبه وتتقبله، ويتناسب مع قدراتك.
لكن، دعني أجعلك تشحذ وتحُك دماغك قليلًا. هل فعلًا يمكن أن تجد ما يناسبك، ويتوافق مع قدراتك؟ هل فعلًا تفكر بطريقة صحيحة؟ بالنسبة لي، كان التوجه للتعليم أمرًا لا بأس به، وبالرغم من كل ما واجهته، إلا أنني استمتعت بكوني معلمة، وأن يكون لي أبناءً وبناتًا كُثر ممن لم ألدهم. ولا زالت تلك اللحظات الجميلة تمر ببالي خاصة في هذه الفترة، فهل لي أن أسألك: هل فعلًا أن طريقك التعليمي المهني هو طريق خاطئ؟
لذلك عليك أن تفكر بما يلي بشكل عميق:
1. ما هي اهتماماتك؟
في بعض الأحيان، يأخذ الناس أي وظيفة دون التفكير فيما إذا كانوا يحبون الوظيفة. يتعلمون أن هناك بعض المهام التي يحبون القيام بها، وهناك مهام أخرى لا يحبون القيام بها. إن العثور على وظيفة بها مهام تثير اهتمامك سيجعلها أكثر إمتاعًا، وستكون أكثر حماسًا للاحتفاظ بهذه الوظيفة. ستؤدي أيضًا وظيفة أفضل ومن المرجح أن تتم ترقيتك. ستكون أكثر سعادة عند القيام بعمل تحبه (يتناسب مع اهتماماتك) أكثر من العمل الذي لا يعجبك.
لكن تذكّر، ليس كل ما تستمتع بفعله سيوفر لك دخلاً جيدًا. من المهم أن توازن بين ما تستمتع به وما تجيده (مهاراتك) والوظائف المتاحة. قد لا تستمتع بكل جزء من وظيفتك، لكن يجب أن تستمتع بمعظمه.
اسأل نفسك:
- ما الهوايات التي أستمتع بها؟
- هل أفضل قضاء الوقت في الداخل أو في الهواء الطلق؟
- هل أستمتع بالعمل مع الناس أو الحيوانات أو البيانات أو الكتب؟
- ما هي الأنشطة التي سأفتقدها أكثر إذا لم يعد بإمكاني القيام بها؟
2. ما هي شخصيتك؟
سأقدم لك هذا التقييم الذي يدعى تقييم الاهتمام، والذي يسألك حول هواياتك واهتماماتك ليكتشف شخصيتك والمهن التي تليق بك، وما ترغب بالقيام به. ومن ثم يتم مطابقة اهتماماتك بالخيار الوظيفي المهني الأفضل لك.
انقر فوق المربعات بجوار الخيارات التي ترغب في القيام بها. إذا كنت لا تحب القيام بنشاط ما، فاترك المربع فارغًا. عند الانتهاء انتقل فوق خيار "Go" أسفل الصفحة
ستعرض الصفحة التالية عدد الخيارات التي حصلت عليها في كل نوع من أنواع الاهتمامات الستة. معظم الناس لديهم نوعان أو ثلاثة أنواع أعلى من البقية. النوعان أو الثلاثة اللذان يحتويان على أكبر أرقام هما مجالات الاهتمام التي تناسبك بشكل أفضل. اكتب هذين النوعين أو الثلاثة. وقارنهم بالمجموعات المهنية التي تتطابق مع كل حرف من أحرف رموز الاهتمامات الخاصة بك.
رموز المهن الست:
R = الأشخاص الواقعيون هم من يحبون العمل بأيديهم، إما بالنباتات والحيوانات أو بالأدوات. يحبون إصلاح الأشياء. هم أشخاص فاعلون.
I= الأشخاص الاستقصائيون يفضلون تحليل البيانات وحل المشكلات، والعمل بشكل مستقل. هم أشخاص مفكرون.
A = الفنانون يستمتعون بصنع الأشياء أو الأداء أمام الآخرين. يحبون المرونة في حياتهم. هم أشخاص مبدعون.
S = الأشخاص الاجتماعيون يحبون العمل مع أشخاص آخرين غالبًا في فرق. إنهم يستمتعون بالنصح أو رعاية الآخرين. هم أشخاص مساعدون.
E = المغامرون يحبون بدء المشاريع واتخاذ القرارات. غالبًا ما يستمتعون ببيع الأشياء أو إدارة أشخاص آخرين. هم أشخاص قياديون.
C = الأشخاص التقليديون يحبون الوظائف المنظمة. يستمتعون بالعمل مع الأرقام والتعليمات. غالبًا ما ينظمون البيانات ويكتبون التقارير. هم أشخاص منظمون.
يمكن أن يساعدك إجراء تقييم للاهتمامات على فهم المهن التي تناسبك بشكل أفضل. يمنحك تقييم الاهتمام قائمة واسعة من الخيارات المهنية التي تتناسب مع اهتماماتك.
3. ما هي مهاراتك؟
في الوقت الحالي عليك امتلاك المهارات التي يمكن أن تساعدك على النجاح في المستقبل. فكر في مهاراتك التي تصنف ضمن:
- المهارات الصعبة المهنية - المهارات التي اكتسبتها من خلال الدراسة، مثل فنون الطهي أو برمجة الحاسوب.
- المهارات الناعمة الشخصية - الأشخاص والمهارات الحياتية التي تمتلكها، ما في ذلك العمل الجماعي وإدارة الوقت.
4. ما هي مواهبك ونقاط قوتك؟
يمكن أن تساعدك المواهب ونقاط القوة التي تجعلك فريدًا منذ الصغر على النجاح في حياتك المهنية التي اخترتها. إذا كنت لا تعرف مواهبك ونقاط قوتك، فقم بإعداد قائمة بكل ما تجيد القيام به. يمكن لأفراد عائلتك وأصدقائك ومعلمينك ورؤسائك والموجهين مساعدتك في كتابة هذه القائمة التي ستستخدمها لتضييق نطاق الوظائف المحتملة.
5. ما هي قيمك؟
كل شخص لديه قيم أو أشياء مهمة بالنسبة له، مثل الضمان المالي أو العدالة الاجتماعية أو التوازن بين العمل والحياة. يمكن أن تساعدك هذه القيم في تحديد نوع المهنة التي تريد متابعتها. هنا على سبيل المثال، ضع في اعتبارك مهنة ذات دخل جيد إذا كنت تقدر الأمن المالي، وأعطِ الوظيفة التي تطمح لها علامة من 10 إذا كنت تريد تحقيق التوازن بين العمل والحياة. فكر في الوظيفة من منطلقات عدة، وقيّم تلك المنطلقات من 10.
6. ما التعليم أو التدريب الذي تحتاجه؟
تتطلب وظائف معينة تعليمًا متقدمًا واستثمارًا ماليًا. على سبيل المثال، قد تحتاج إلى ثمانية إلى 12 عامًا من التعليم والتدريب لتصبح طبيبًا مختصًّا أو مستشارًا، لكن يمكنك الحصول على بكالوريوس إدارة أعمال في أربع سنوات. فكر في الوقت والمال اللازمين لممارسة مهنة وأنت تتخذ قرارك.
7. هل هناك وظائف شاغرة في هذه المهنة؟
يجب عليك التفكير في إمكانية توفر الوظائف في مجال عملك في المستقبل. لاحظ بعد جائحة كورونا أن الطلب على وظائف معينة قد قلّ، وزاد الطلب على وظائف أخرى تعتمد على التقنية أو التكنولوجيا والعمل المستقل الحر، أكثر من العمل بوظيفة بدوام كامل لدى الشركات والمنظمات والمؤسسات وحتى الحكومات. أصبحت الوظائف ذات العقود المؤقتة والعمل كاستشاريين هو الفضل لأصحاب العمل. لكن بقيت بعض الوظائف ثابتة، وبعضها ارتفع الطلب عليها مثل اختصاصي الموارد البشرية والمحاسبة، والبرمجة بأنواعها المختلفة، والتصميم الجرافيكي.
8. كم من المال تريد أن تكسب؟
تقدم الوظائف المختلفة مكافآت مالية مختلفة ورواتب متنوعة. على الرغم من أن الراتب لا ينبغي أن يكون العامل الرئيسي في اختيار مهنة ما، إلا أن راتبك يمكن أن يلعب دورًا في نوعية حياتك ومكان إقامتك. ضع في اعتبارك إمكانية الكسب لديك أثناء تضييق خياراتك المهنية.
9. أين تريد أن تسكن؟
يمكن الوصول إلى بعض الوظائف بسهولة أكبر بينما لا يمكن أداء وظائف أخرى إلا في مواقع معينة مثل العاصمة والمحافظات الكبرى. على سبيل المثال، قد تحتاج إلى العيش في منطقة ريفية إذا اخترت العمل كحارس حديقة أو مزارع، وقد ترغب في العيش بالقرب من منطقة حضرية إذا كنت تخطط لمتابعة مهنة مالية أو أزياء. خطط بعناية للتأكد من أنه يمكنك العمل في المكان الذي تريد أن تعيش فيه.
10. لماذا ترغب في ممارسة هذه المهنة؟
اسأل نفسك دائمًا عن سبب رغبتك في ممارسة مهنة معينة أثناء تقييمك للخيار المناسب لك. لا تدع آراء أو توقعات الآخرين تؤثر في قرارك. في النهاية، اختيارك المهني يعود إليك وحدك.