بالتأكيد إن مناهجنا تحتاج إلى تطوير وإصلاح من عدة جوانب ولعدة أسباب, أذكر منها:
أولاً: من الخطاً أن تدرس مناهج في المدراس دون أن يكون خلفها أهداف, كأن تعتمد منظومة قيمية لتحقيقها من خلال هذه المناهج, فعشوائية المناهج وتخبطها تنتج أجيالاً عشوائية مثلها, صحيح أن هناك شيئاً من هذا في المناهج ولكنه جزء يسير جداً ويسير نحو الإنحدار والتلاشي. لذا يتوجب زرع القيم بشكل ممنهج من خلال مناهج الدراسة في نفوس الطلاب منذ صغرهم لأننا نرى كيف تتهاوى الأخلاق والقيم في ظل الانفتاح المخزي التي تشهده المنطقة.
ثانياً: صنع مناهج تعنى بتعليم الطالب كيفية إعمال عقله الذي حباه الله إياه, وليس مناهج تقوم على التلقين وتصنع آلات ناسخة وعقولاً تحفظ ولا تفهم ما تحفظ! إن هذا من أكبر المآخذ على مناهجنا, تخلو من التفكير الناقد لا تخرج من حيز الصندوق الضيق الذي يضيق ويقلص عقول الأجيال, تخلو بشكل كامل من ملامح البحث العلمي, ما معنى أن يدخل الطالب الجامعة وهو لا يعلم أي شيء عن البحث العلمي! لا يعلم أساسيات كتابة بحث ممنهج, ويقضي أغلب سنواته في الجامعة ليبدأ بالتأقلم مع طريقة الدراسة الجديدة التي تبعد عن التلقين.
إن الفجوة بين مرحلة الثانوية العامة وما يسبقها وبين مرحلة الجامعة تؤكد تماماً أن هناك ثمة مشكلة كبيرة في مناهجنا وطرق التدريس ومعاملة الطلاب وكأنهم من ذوي الاحتياجات الخاصة وتحديداً يعانون من ضمور العقل, إلى أن نصل فعلاً إلى مرحلة يضمر فيها عقلهم.
إن مناهجنا بحاجة تطوير يتماشى ومتطلبات العصر, والجيل الجديد الذي يختلف تماماً عما مضى من أجيال, يحتاج أن يعطى العلم بضمير وأمانة لا أن يحفظ بطريقة غبية, وإلا ستصدر أجيال تعاني بالفعل من ضمور عقلي نتيجة ما يحدث.