مسلسل صراع العروش (Game of Thrones)، هو من الأعمال صاحبة
أعلى معدلات المشاهدة، و
أكبر قيم تكلفة للإنتاج، و
أكبر طاقم تمثيل. سلسلة فانتازيا استطاعت
خلق قاعدة جماهيرية كبيرة خلال المواسم الأولى، وتم عرض العمل ابتداءًا من 2011 حتى 2019 على منصات HPO حصريًا. وإن كنت لم تشاهده قبلًا، فأنصحك بالتوقف عن القراءة ومشاهدته الآن!
بعد البناء التدريجي للأحداث الذي اعتدنا عليه من صراعات على العرش الحديدي طوال المواسم السبعة، تفاجأ محبو العمل بالسقوط الواضح لجودة المسلسل التي ظهرت في الموسم الثامن والأخير، والذي عرض في إبريل من عام 2019.
كانت الأسباب التي نشرت الإحباط في قلوب المشاهدين كثيرة، لكن السبب الأهم برأيي كان
تخلي جورج آر. آر. مارتن مؤلف سلسلة كتب "الجليد والنار" -وهي ما بُني عليها المسلسل- عن المشاركة في كتابة الحلقات منذ الموسم السادس. لذا فإن النص الذي تُرك بين يدي الكاتبين
ديفيد بينوفودانيال وايز قد بدأ مستواه بالانخفاض حتى وصل قرب القاع في موسمه الثامن.
أسباب كثيرة من أحداث وشخصيات في المسلسل أدت إلى تخييب ظن المشاهدين لدرجة اعتبارهم أن الموسم الأخير ككل كان فشلًا ذريعًا. أول مأخذ على الموسم الثاني كان
التسارع العجيب للأحداث. فترى مشاهد كانت تعتبر ذات قيمة كبيرة سابقًا كما صوروا لنا طوال المواسم السابقة، تراها تحدث خلال دقيقة قصيرة في هذا الموسم ولا تأخذ حقها من الإهتمام أبدًا وكأنها لم توجد. مثل اللقاء الأول
لجيمي وبران منذ سقطة الأخير في الموسم الأول. أو حتى لقاء الأخوة من عائلة
ستارك الذي كان باردًا جدًا، وغيرها من الأحداث التي كادت لا تذكر.
ثم تأتي مشكلة
تطور الشخصيات السريع والغير معقول. أمضى المسلسل عدة مواسم يقوم ببناء الشخصيات لنا بطريقة معينة، ثم سقط كل ذلك وانهار ببضع حلقات من الموسم الأخير، وبدون أي سابق إنذار. فمثلًا شخصية
دينيرس التي برأيي احتاجت بضع حلقات أخرى على الأقل لبناء هذه الشخصية المجنونة، لكان المشاهد استطاع استيعاب الصورة بالتدريج على الأقل.
ولأن هذا الموسم هو الموسم الأخير، احتاج أن ينتهي بدون أن يترك في عقول المشاهدين أي سؤال، لكن ذلك لم يحصل أبدًا. فالكثير من الدلالات طوال المسلسل التي كنا ننتظر نفسيرًا لها،
لم تفسَّر بتاتًا، حتى أن المزيد من الأسئلة ظهرت على السطح. فمثلًا؛ جيش
White Walkers الذي يتمحور حوله المسلسل لم نفهم أغلب الأمور عنه، ولم يظهر بالحلقات الأخيرة سوى أنه يَقتل بلا معنى.
ماذا أيضًا عن بعض
الشخصيات التي تم نسيانها ولم ندري ما كان مصيرها. مثل
جاكين هاجار أو حتى
إيلاريا ساند. إضافة إلى الكثير من
الأحداث التي لم تحمل أي معنىً ولم يعرها أي أحد أي انتباه. فمثلًا لم نرى أي فائدة لمعرفة أن
جون سنو هو أحد
التارغيريان، ربما لو علم الجميع أنه الأحق بالعرش لما كانوا أرسلوه لحراسة السور مرة أخرى. وماذا عن هؤلاء الحرس الذين لم يعد لهم فائدة بعد موت ال
White Walkers، وانهيار السور، ماذا عادوا يحرسون؟ أو حتى موت ملك الجليد بهذه البساط والسرعة والغير منطقية دون أن نعلم منه أي شيّ انتظرناه طويلًا. ثم حدّث ولا حرج بما يخص الأخطاء الإخراجية؛ إذ أن الانتقادات حول كوب قهوة
Starbucks الذي ظهر في أحد المشاهد كانت لا تحصى. وزجاجتي الماء المعدنية التي ظهرت على الأرض في إحد المشاهد. هذا غير مشاهد التصوير في
Kings Landing التي ظهرت وكأنها أماكن مختلفة. وتسريحات شعر
دينيرس التي اختلفت في ذات وضح النهار.
الكثير الكثير من الإخفاقات التي تحتاج صفحات لذكرها، لكن يكفي ذكر أبرزها. ولأن هذه السلسلة هي من الأعظم على مستوى أعمال التلفاز، لذا كان انتقادها بهذا الشكل القاسي متوقعًا أمام هكذا أخطاء.