اعتاد أغلبيتنا الاتجاه نحو الأفلام الأجنبية عند الحديث عن الأمور الملفتة والتي لاقت نجاحًا. حتى أنني من هؤلاء الأشخاص، الذين نادرًا ما يشاهدون الأفلام الأجنبية ولا تجذبهم الأعمال العربية بالعادة. أحيانًا ما أتابع بعض الأعمال الكوميدية كشكل من أشكال التسلية لا أكثر. ولكنني صادفت مرةً عملًا عربيًا مصري، استطاع أن يعجبني ويلفت نظري.
فيلم "هيبتا - المحاضرة الأخيرة" لمخرجه هادي الباجوري، والمأخوذ عن رواية تحمل نفس الإسم لكاتبها محمد صادق. ولعلها إحدى المرات القليلة التي يتفوق فيها العمل السينمائي على نظيرة الأدبي. حيث لاقى الفيلم نجاحًا كبيرًا مقارنة بردود الفعل الباردة نوعًا ما على الرواية. يبدو الفيلم بإطاره العاطفي شيئًا موجهًا في البداية للمراهقين، إلا أن الحقيقة غير ذلك تمامًا. ولربما تشعر في بعض الاحيان أن القصص غير حقيقة أو أشبه بالخيال الرومانسي، لكن لا تستعجل ذلك وانتظر حتى النهاية.
يتحدث الفيلم عن سبع مراحل حب تعرض على شكل مجموعة من العلاقات العاطفية بين اثنين. يختلف الأبطال بين بعضهم في المراحل العمرية. يتم التلاعب بشكل جميل بين العلاقات بشكل يحافظ على رونق العمل ولا يأخذ منه الاتصال أو يُفقدك التركيز. ولاحظت أيضًا العمل الممتاز عن الموسيقى التصويرية التي ناسبت المشاهد والتي استطاعت ارضاء الجمهور أيضًا.
وصف الفيلم المأخوذ من الرواية لفروقات طبيعة العلاقات العاطفية بين مختلف الأعمار كان موفقًا جدًا. حيث أنه رسم علاقة بين مراهقين، ورسمها بمشاعرها الحقيقية التي على الإنسان فعلًا أن يحملها. فلا كان الأمر سفيهًا -كما اّعى البعض- ولا سطحيًا. ثم يرينا النضوج الناتج عن هذه المرحلة في المرحلة التي تليها من عمر الشباب. وهكذا حتى العمر الأخير.
ولم يخلو الفيلم من الأفكار المجتمعية التي كان عليها أن تظهر على السطح وتتم مناقشتها. أفكار عديدة مثل الالتزامات بدافع العيب والخوف من النقد. ومثل الانفصال والترك لأسباب خلقها المجتمع ولا أساس لها. وكان أسلوب العرض لها وسردها على شكل خطوات واضحًا وجميلًا جدًا. حتى أن العمل يحمل من الحوارات المهمة ما تستطيع اقتطاع عشرات المقولات وكأنها عبر مهمة ونصائح.
تعرض الفيلم للكثير من النقد من نواحي عديدة. فمنهم من رأوا أن العلاقات المعروضة هي خيالية، أو أنها أحلام مراهقين ساذجة. ومنهم من كان متوافقًا مع الفيلم في نصفه الأول حتى وصل النصف الثاني وشعر بالركاكة والانقطاع فجأة.
أما في رأيي؛ فهو قفزة جميلة في عالم السينما الرومانسية العربية المصرية. وإن لم يصل للعالمية، إلا أنه استطاع التقدم بضع خطوات، وخرج بنا عن الإطار المعتاد.