دراسة الطب في كل العالم من الدراسات التي يزداد عليها الإقبال بشكل دائم، إلا أنها من أكثر التخصصات تحديا وصعوبة، وهي بشكل رئيسي تعنى بدراسة جسم الإنسان بشكل كامل، طبيعته ومكوناته وطرق عمل اعضاؤه، كذلك دراسة الأمراض التي تصيب هذا الجسم ويتبعه طرق علاجها. وفي مرحلة الدراسة الجامعية للطب والتي تمتد لست سنوات على الأقل، نصفها (أي حوالي ثلاث سنوات منها) يقضيها الطالب في دراسة المواد الأساسية النظرية والتي يدرس فيها الطالب مواد الكيمياء والفيزياء والتشريح والعضوية والأحياء الجزيئية ، والنصف الآخر (الثلاث سنوات الباقية) تشمل دراسة سريرية حيث يدرس فيها الطالب مواد أكثر تخصصا مثل دراسة علم الجراحة والتخدير والعيون والنسائية والتوليد والباطنية والطب النفسي والأنف والأذن والحنجرة وعلم الأمراض ، وأيضا يبدأ الطالب بالتعامل المباشر مع الأطباء والمرضى في المستشفيات والعيادات مع الفريق الطبي.
ومعروف أنه لازال العلماء والباحثون والأطباء مستمرون في تطوير شتى أنواع العلوم، ومنها علوم علاج الأمراض مثل أمراض السرطان وأمراض القلب والأمراض العصبية وغيرها. وفي آخر عشر سنوات تحديدا تطور الطب النووي بشكل كبير، ويعود الفضل لذلك التطور الى تعرف العلماء على الصيغة الجينية للأمراض و الأورام. لذلك من المهم جدا لدى طالب كلية الطب أن يقوم بدراسة الكثير من المواد العلمية، وأن يكون ملما بالأساسيات المختلفة، دون تفضيل علم على آخر.
فبالنسبة للكيمياء مثلا، توجد مادة مخصصة يدرسها الطلاب قبل أن يصبحوا أطباء هي مادة الكيمياء الحيوية (البايوكمستري) وهي المختصة بدراسة أصل علوم الحياة، وهي في الأصل عبارة عن اندماج علمين مع بعضهما هما علم دراسة الكائنات الحية (البايولوجي) و الكيمياء، والمقصود بها هي العلم الذي يقوم بدراسة العمليات الكيميائية في الكائنات الحية، وتشمل دراسة الفيروسات، وهي دراسة دقيقة جدا، لا تعتمد على دراسة الأجزاء الفيزيائية الملموسة للكائنات الحية، بل هي مختصة بدراسة أدق الأجزاء داخل الكائن الحي.
كما أن الكيمياء البايولوجية تعتبر الأساس لدراسات أخرى مهمة جدا، كعلوم الوراثة والجينات، أو الميكروبيولوجي وهو علم الميكروبات، أو العقاقير وصناعة الأدوية أو الطب أو البحث الجنائي، وغيرها من التخصصات الهامة.
يتعلم الطبيب من دراسته الكيمياء مهارات عديدة جدا منها مهارة حل المشكلات والملاحظة والتحليل و إجراء الأبحاث والعمل الجماعي وغيرها الكثير من المهارات التي تلزم لمستقبل الطبيب الناجح.
أما بالنسبة لأهمية الفيزياء، قد تستغرق أنها مهمة للطبيب، إلا أنها مهمة جدا لتوسيع مدارك الطبيب، فطلبة السنة الثانية من كليات الطب و طب الأسنان يقومون بدراسة مادة الفيزياء النووية وهي تعالج قضايا طبية عديدة وتوضح مواضيع فسيولوجية عديدة تحصل في الجسم، كما أن الفيزياء تعلم الطبيب أمورا هامة قياس ضغط السوائل والذي يعتبر أمرا يواجهه الطبيب في كل حالة مرضية تقريبا، كذلك الضغط الاسموزي والانتشار البسيط والانتشار الخلوي، وهي مادة فيها عمليات حسابية بسيطة سريعة الحل ، لكن مفاهيمها هامة.
كما أن الفيزياء الطبية وهي أحد فروع الفيزياء التطبيقية تدرس في المجالات الصحية ومنها الطبية، ومن أهم مهامها علاج الأورام.
أيضا الطب النووي المختص بالتصوير على المستوى الجزيئي، يعتمد على معرفة الطبيب للفيزياء والكيمياء، وهو الطب الذي عن طريقه يستطيع الطبيب أن يعرف التغيرات التي تحصل على المستوى الخليوي، وبالتالي يقوم بتشخيص هذه التغيرات و تتبعها ومن ثم علاجها عن طريق نظائر مشعة بصفات فيزيائية معينة يتم حقنها داخل جسم المريض لتعالج الأنسجة المصابة.
بالتالي نرى أن كلاهما الفيزياء والكيمياء مادتين مهمتين مكملتين لبعضهما بالنسبة للطبيب، إضافة الى مواد علمية أخرى لا بد وأن يكون الطبيب على دراية و علم بها.